منيرة بالوش |
لامس صقيع الثلوج المتشبثة بالخيام في مخيمات (عرسال) قلوب المئات من السوريين المقيمين في الداخل السوري وخارجه في دول المهجر، وبما أن الدموع والتباكي عن بعد لم تعد تجدي نفعاً، وجب مدُ يد العون لهم من كل شخص قادر على ذلك، بعدما تخلت عنهم جميع الدول.
“هم ليسوا منسيين في خيامهم”
هذا ما أراد “فريق ملهم التطوعي” أن يوصله للنازحين في عرسال، أراد أن يلمس النازحون أن قلوب السوريين معهم قولاً وعملاً، حيث أطلق الفريق حملة تبرعات مالية على موقعه على الفيسبوك والويب سات، ليلقى تفاعلاً كبيراً من رواد المواقع والمهتمين بأخبار الأهالي هناك، وبالفعل كانت الاستجابة مباشرة ومستعجلة لاستدراك الوضع المتردي لهم.
التقت صحيفة حبر الأسبوعية الأستاذ “أحمد أبو شعر” مسؤول برامج في فريق ملهم التطوعي للحديث عن الاستجابة لإغاثة الأهالي في مخيمات عرسال.
الأستاذ (أحمد) أكد لنا جاهزية الفريق منذ اليوم الأول للعاصفة بعدما وصلت نداءات الأهالي مرفقة بالصور المؤسفة عن الوضع المأساوي الذي تتعرض له الخيام، فأطلقوا حملة على الموقع الخاص بالفريق لجمع التبرعات وصلت لكل الناس الموجودين في أوربا وأمريكا والدول العربية.
وبالفعل استطاع الفريق في خطوة مبدئية تأمين التدفئة لـ 1300 عائلة.
يذكر (أحمد) أن عدد المخيمات يصل إلى 7200 خيمة، يقطنها أكثر من خمسين ألف نازح في حالة مأساوية لا يحسدوا عليها، إذ يسكنون في خيم مهترئة تفتقر إلى أبسط مقومات العيش.
وحول تدخل الفريق بشكل مباشر يقول: “تم التوجه من تركيا قبل ثلاثة أيام إلى لبنان حيث بلدة عرسال. استطاع الفريق البارحة الوصول إلى 1783 خيمة من أصل 7200 واليوم وزعت مادة المازوت أيضا على 500 خيمة مع صعوبة العمل في الظروف الجوية السيئة وخطورة التحرك على الطرقات بسبب تراكم الثلوج وتشكل الجليد عليها، فكان لابد من العمل في ساعات النهار لتجنب أي مخاطر.”
وحول المواد المُقدمة وحجم التبرعات يقول: “عندما بلغت العاصفة أوجها في اليومين الماضيين كانت نسبة التبرعات مرتفعة، فتم تأمين مادة المازوت التي وصلت كلفتها إلى 79 ألف دولار، واستطعنا الوصول لكل المخيمات بشكل إسعافي حيث أوصلنا لكل عائلة 20 لترًا من المازوت وهي المرحلة الأولى، وبعد الانتهاء من التوزيع للجميع سيتم التوزيع في المرحلة الثانية أيضًا لاستدراك الوضع بحيث تصل التدفئة لكل خيمة وكل عائلة.”
كان لابد من التعاون والتنسيق مع عدة جهات ومنظمات إنسانية غير حكومية لتكون المساعدة على قدر الحاجة، فالاستجابة الطارئة والإسعافية لكل أسرة كانت بمعدل 20 لترًا وقد تُستهلك في خمسة أيام في الحالة الطبيعة، أما في هذه العاصفة الثلجية الباردة فالوضع أصعب ويحتاج لكمية مضاعفة من مواد التدفئة، فكلما كانت الجهات والمنظمات الداعمة أكثر تم استدرك الوضع بشكل أفضل وأسرع، لكن لم يكن للجهات الحكومية أو المنظمات الدولية أي دور يذكر باستثناء مجموعة رسائل على الهواتف النقالة تُحذر من العاصفة وتُذكر اللاجئين بضرورة التصدي والاستعداد لها كما فعلت منظمة UNHCR في لبنان.
هذه العاصفة الثلجية لم تعرِ الخيام، بل عرت كل مسؤول عن هذا الوضع الكارثي بدءًا من رأس النظام الذي كان سبباً في النزوح مروراً بدول الجوار التي أنشأت المخيمات على أرضها ونسيتها قصداً لا سهواً، فهي تقف اليوم عاجزة عن التصدي للعواصف الثلجية التي تحدث كل عام، والعجب أنه في كل شتاء يتفاجأ الجميع بحجم الكارثة الواقعة كأنها لم تكن بالحسبان! فبدلاً من تجاهلهم كان عليهم على الأقل إيجاد الحلول كبناء مساكن مؤقتة أو كرفانات خاصة تحمي ساكنيها من برد الشتاء وحر الصيف.