عبد الحميد حاج محمد |
قرابة مليون شهيد ومئات الآلاف من المفقودين لا يُعرف عنهم شيء سقطوا خلال ثماني سنوات من الثورة السورية، وحفظ تاريخ أولئك الشهداء مهمة تتوجب علينا، ما دعا الشاب (تامر تركماني) ابن مدينة حمص للقيام بمشروعه الخاص الذي يحفظ من خلاله تاريخ ووقائع الشهداء في الثورة السورية.
صحيفة حبر التقت الشاب تامر لسؤاله عن بداية فكرته فأجابنا: “لقد بدأت فكرة مشروعي عام 2014 عندما قمت بإنشاء لوحة لتكريم شهداء الثورة كانت تحتوي على خمسين ألف شهيد بطول 170م وبعد نجاح عرضها قررت توثيق الشهداء بالأسماء، وبدأت بالنشر واستقبال صور الشهداء وأسمائهم من ذويهم كي أوثقهم.”
وتابع تركماني قائلاً: اعتقدت أن الفكرة ستنجح، ولكن علمت أنها ستكلفني الكثير من الجهد والتعب والمعاناة في الحصول على المعلومات لأني أعمل بشكل فردي دون أي مساعدة. أقوم يوميًا بالتواصل مع أعداد هائلة من أهالي الشهداء وأصدقائهم ومعارفهم لتوثيق أي شهيد يذكرونه.”
لقد نجحت فكرة تركماني وحققت نتائج إيجابية في توثيق المفقودين حيث قال: “لقد نجحت فكرتي، ولكن مازال عليَّ الكثير من العمل، أما عن النتائج فالهدف تقليص عدد الشهداء مجهولي الهوية في الثورة السورية وتقليص الأرقام والأعداد ليصبح أكثر دقة وتحويلها إلى أسماء وصور وملفات تحفظ تاريخ الشهداء.”
لقد تمكن تامر من توثيق عدد كبير من الشهداء في السنوات الماضية، حيث عمل على مدار أربعة سنين متتالية محاولاً جمع أكبر عدد ممكن من الشهداء والمفقودين، ولقد أخبرنا أنه قام بتوثيق ما يقارب 240 ألف شهيد من ضمنهم 10 آلاف مجهولي الهوية، وقال أيضا: “إن هذا جزء من شهداء الثورة، ويتم التواصل بشكل يومي لزيادة الأسماء والتعرف أكثر على شهداء الثورة وتوثيقهم.”
وحسب تركماني، فإن عدد المفقودين اليوم تجاوز ربع مليون مفقود حسب إحصائيات المنظمات الحقوقية والدولية.
لقد لاقى مشروع تامر تفاعلاً كبيرًا بين الناس بما أنه مشروع يحفظ تاريخ ذويهم ويعزز الثورة ويدين الأسد بجرائمه المرتكبة بحق الشعب السوري، لكن لم يلقَ مشروعه اهتمام أو دعم المنظمات والمؤسسات السياسية أو المدنية، فمنذ انطلاق مشروعه يعمل بنفسه مع مساعده الشخصي اللابتوب الذي يُعد مشروعه كاملاً كونه يحفظ عليه ملفات الشهداء.
أضاف تركماني أنه لا يوجد تنسيق بينه وبين أي أحد مهما كانت رتبته أو مكانته في منظمة أو غيرها، ولا يوجد تنسيق بينه وبين أي جهة رسمية أو غير رسمية ولا يوجد أي منظمة أو جمعية أو فريق دعم قدم الدعم له ولو بمعلومة.
المفقودين عند الأسد لا يعرف من مات منهم، ويحاول النظام التكتم عنهم وإخفاء ملفهم وطمس هويتهم، وقال تركماني: “يتكتم نظام الأسد عن المفقودين عن طريق تغيير أسمائهم ورفض البوح بمكانهم، ولا حتى نعرف من بقي منهم على قيد الحياة أو مات، ولا نعلم لليوم مصير من يقع تحت يد النظام.”
وأخيرًا قال تركماني: “أقترح على المنظمات الإنسانية أن تقوم بجمع أكبر عدد من أسماء عائلات الشهداء لإيوائهم في المستقبل والتكفل بهم.”
مايزال تامر يتابع مشروعه ويأمل أن يوثق ويحصي جميع الشهداء والمفقودين في تاريخ الثورة ويحفظهم من الضياع.
هذا هو ابن الثورة الذي أنشأ فكرته وعمل بها بمفرده طيلة السنين حرصًا منه على إبقاء ذكرى تلك الرموز، وعلى وجود دلائل موثقة تُدين نظام الأسد وتحفظ شهداء الكرامة. ….