اختارت مجلة “تايم” الأميركية “الحراس والحرب على الحقيقة” شخصية العام، والتي تضمّنت الصحافي السعودي جمال خاشقجي، مع صحافيين آخرين.
ومن بين الصحافيين المختارين، والذين أطلقت المجلة عليهم اسم “الحراس”، كُلّ من:خاشقجي الذي تم اغتياله، والصحافية الفيليبينية التي تم توجيه اتهامات لها بالتهرب من الضرائب بسبب تغطيتها الصحافية، ماريا ريسا، ومراسلا “رويترز” في ميانمار، المدانان، وا لون وكياو سوي أو، وصحيفة “ذا كابيتال غازيت” التي تعرّضت لاعتداء. ولم يكن هؤلاء ضمن المرشحين لشخصية العام في البداية.وحلّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب وصيفاً أول، بالإضافة إلى المحقق الخاص روبرت مولر، وناشطي “مارتش فور آور لايفز”.
ومنذ العام 1927، تختار المجلة شخصيّةً للعام، لتلحظ بذلك شخصاً أو مجموعة أشخاص أثّروا في الأخبار والعالم، بشكلٍ سلبي أو إيجابي، خلال العام المنصرم. ويختار محررو “تايم” الشخصية، لكن تُعرض الأسماء للتصويت على موقعها الإلكتروني.
وقال رئيس تحرير “تايم” إدوارد فلسنثال، خلال إعلانه اختيار خاشقجي شخصية العام، في برنامج “توداي” على “إن بي سي”: “هذه المرة الأولى التي نختار فيها شخصاً لم يعد موجوداً بيننا كشخصية العام. لكنّه من النادر أيضاً أن يتضخّم تأثير شخصٍ ما بوفاته كما حصل في هذه الحالة. وقد أدّت جريمة قتل خاشقجي إلى إعادة تقييم دولي لولي العهد السعودي محمد بن سلمان ونظرة إلى الحرب المدمّرة في اليمن”.
وكان خاشقجي وحده ضمن القائمة القصيرة لشخصية العام، لكنّه لم يكن ضمن الأسماء المرشّحة في البداية، بل كانت في البداية تتضمّن اسم محمد بن سلمان، المتّهم بقتله. إلا أنّ ناشطين طالبوا سابقاً المجلة بإعلانه شخصية العام، ويبدو أنّها تجاوبت مع تلك الملاحظات، فوصل اسم خاشقجي للقائمة النهائية القصيرة.
وقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول الماضي. وبعد 18 يوماً من النفي، اعترفت السعودية بمقتله، لكنّها قدّمت روايات متضاربة، قبل أن تعلن أنّها تحقق وتحاكم متورطين في الجريمة. وقالت تركيا إنّ اغتيال خاشقجي تمّ بأوامر مسبقة، مشيرةً إلى أنّه تم تقطيع جثّته بمنشار.ولم تظهر جثة خاشقجي حتى الآن. وفي اللحظات الأخيرة لمقتله، قال خاشقجي “لا أستطيع التنفس، أنا أختنق”.
ويتّهم حقوقيون وسياسيون وصحافيون ومتابعون حول العالم، ولي العهد محمد بن سلمان، بالوقوف وراء اغتيال خاشقجي، على اعتبار أنّ رجاله لم يكونوا ليتّخذوا قراراً كهذا من دون علمه.
وقالت المجلّة في تعريفها عن “الحراس”: “على ضواحي يانغون، أكبر مدن ميانمار، يجلس صحافيان شابان في سجن يُقال إنّه أحلك حفرة في بورما. هما من جيل الألفية، كما كنا لنسميهم في أميركا – وا لون يبلغ من العمر 32 سنة، وكياو سوي أو يبلغ من العمر 28 عاماً. منشأ اعتقالهما، قبل عام في 12 ديسمبر/كانون الأول 2017، هو تقاريرهما لفائدة وكالة “رويترز” والتي كشفت فيما بعد عن إعدام جماعي لـ 10 من مسلمي الروهينغا، كجزء من حملة عنيفة ضد الأقلية، من قبل جيش ميانمار. تقول تشيت سو وين، زوجة كياو سوي: “لم أتوقع قط أن يتم اعتقاله. كنت أكثر قلقاً بشأن إطلاق النار عليه”.
وتابعت “كان لذلك منذ فترة طويلة الخطوة الأولى في قواعد اللعبة الاستبدادية: التحكم في تدفق المعلومات والنقاش الذي يشكل شريان حياة الحرية. وفي عام 2018، نجح كتاب اللعبة. اليوم، تواجه الديمقراطية في جميع أنحاء العالم أكبر أزماتها منذ عشرات السنين، حيث تُقوَّض أُسُسها من القدح من أعلى الهرم، والسموم من أسفله، بواسطة تكنولوجيات جديدة تعمل على دفع نبضات قديمة، بمزيج سامّ من الرجال الأقوياء والمؤسسات الضعيفة. من روسيا إلى الرياض إلى وادي السليكون، فإن التلاعب وإساءة استخدام الحقيقة هي الخيط المشترك في العديد من العناوين الرئيسية في هذا العام، وهو تهديد خطير ومتزايد للحرية”.
وأضافت “بينما واجه “فيسبوك” حساباً متأخراً حول كيفية التحكم في السيارة ذاتية القيادة في وسائل الإعلام الاجتماعية، استمر تزايد المخاطر على المصادر التقليدية للمعلومات. في 28 نوفمبر/تشرين الثاني، قام مالكو أكثر من 400 منفذ إعلامي في المجر “بالتبرع” بالسيطرة لتكتّل مؤيد للحكومة أنشأه حلفاء لرئيس وزراء البلاد. في هذا الربيع، قُتل صحافيان في الهند، أكبر ديمقراطية في العالم، في عمليّتي دهس وفرار متعمّدتين خلال 24 ساعة. في يونيو/ حزيران، اتُهم موضوع تغطية صحيفة محلية بالدخول إلى غرفة الأخبار في ميريلاند وقتل خمسة موظفين. وفي خريف هذا العام، اضطرت قناة “سي إن إن” إلى إخلاء مكاتبها في نيويورك مرتين بسبب تهديدات بوجود قنابل”.
في أعلى أشكاله، ينبع التأثير، وهو المعيار المستخدم منذ تسعة عقود خلال اختيار شخصية العام في “تايم”، من الشجاعة. مثل كل الهدايا للبشرية، تأتي الشجاعة إلينا على مستويات مختلفة وفي لحظات مختلفة. هذا العام نعترف بأربعة صحافيين ومنظمة أخبار واحدة دفعوا ثمناً باهظاً لاغتنام التحدي في هذه اللحظة: جمال خاشقجي، ماريا ريسا، وا لون وكياو سوي أو، وصحيفة “كابيتال غازيت” من أنابوليس، ماريلاند”.
وختمت المجلّة بالقول “إنهم يمثلون معركة أوسع نطاقاً من قبل عدد لا يحصى من الآخرين في جميع أنحاء العالم. حتى 10 ديسمبر/ كانون الأول، قُتل ما لا يقل عن 52 صحافياً في عام 2018، الذين يخاطرون بكلّ شيء لرواية القصة في عصرنا”.
المصدر: العربي الجديد