باسل خراط |
الأزمة المالية هي انهيار مفاجئ في سوق الأسهم، أو في عملة دولة ما، أو في سوق العقارات، أو مجموعة من المؤسسات المالية، لتمتد بعد ذلك إلى باقي الاقتصاد، ويحدث مثل هذا الانهيار المفاجئ في أسعار الأصول نتيجة انفجار فقاعة سعرية.
الأسباب (أزمة 2008) نموذجًا
– الازدهار الذي سبق الأزمة، والرغبة بالاستثمار وتفشي ثقافة الاقتراض والمضاربة.
– غياب الرقابة المالية الفعالة وانتشار الفساد والاحتيال المالي.
– انفجار فقاعة الرهن العقاري.
مراحل الأزمة
النتائج في الولايات المتحدة:
1- فقدان الكثير من منازلهم.
2- ارتفعت المديونية لتصل قرابة 40 تريليون دولار.
3- تجاوزت معدلات التضخم 4.5% وزادت البطالة إلى 5.1% (ثلاثة ونصف مليون شخص فقدوا وظائفهم)
4- انخفاض قيمة الدولار مقابل العملات الرئيسة الأخرى في العالم.
5- إجمالي الخسائر على الاقتصاد الأميركي 945 مليار دولار.
6- رفض البنوك الإقراض فيما بينها خوفاً من الإفلاس.
7- انخفاض أسعار الفائدة إلى أدنى مستوى لها 1.5%
8- انخفاض معدلات الاستهلاك والإنفاق والادخار والاستثمار وظهور بوادر الكساد والبطالة والتصفية والإفلاس للأنشطة الاقتصادية.
9- انخفاض أسعار السلع الإستراتيجية كالسكر والحديد والأرز والنفط.
10- انخفاض معدلات النمو في الدول الصناعية من 1.4% إلى 0.3% في السداسي الأول من 2009
11- خسارات لحقت بالشركات الكبيرة الأميركية والأوربية والعالمية وتراجع صادراتها.
ردود الفعل:
تلخصت ردود الفعل لحل الأزمة بعنوانين رئيسين من خلال تدابير تم أخذها عن طريق السياسة النقدية وأخرى عن طريق السياسة المالية:
1- زيادة السيولة في السوق.
2- تعديل النظم والقوانين وإجراءات الرقابة المالية.
وعلى عكس الدول النامية في حال حصول أزمات، قامت الأمم المتحدة بتخفيض سعر الفائدة بعيد الأزمة حتى وصلت 0.25% الأمر الذي بدوره يؤدي إلى زيادة الاستثمارات وانتعاش الاقتصاد.
لم يكن هذا التخفيض كافيًا لحل أزمة بهذا الحجم، وبالتالي دخل الاقتصاد بإشكالية (Zero Lower Bound) وهي مشكلة تحصل عندما تكون معدلات الفائدة قصيرة الأجل (الخالية من المخاطر) قريب من الصفر الأمر الذي يحد من إمكانية البنك المركزي تحفيز الاقتصاد وبالتالي تشجيع الإنفاق.
لجأ البنك الفيدرالي، والذي كان له دور تطميني بأنه سيدعم حتى الخروج من الأزمة، إلى سياسة التيسير الكمي (quantitative Easing) وهي سياسة نقدية غير تقليدية (طباعة النقود أو شراء أصول حكومية) حيث قام الفيدرالي بشراء الأوراق المالية المدعومة برهن عقاري (MBS) وديون البنوك وسندات الخزينة بقيمة وصلت في يونيو 2010 إلى 600 مليار دولار، حيث بدأت بوادر تحسن بالاقتصاد لكنه عاود العملية في شهر نوفمبر 2010 لأن الاقتصاد لم يكن ينمو بقوة، وذلك بمبلغ مشابه حتى نهاية 2011 وفي جولته الثالثة أعلن الفيدرالي عن الجولة الثالثة التي تقضي بشراء 40مليار دولار شهرياً لمدة مفتوحة مستهدفاً تخفيض أسعار الفائدة طويلة الأجل، وبالتالي تحفيز الطلب بوتيرة أسرع وتحسن أسعار السكن بعد انخفاضها ووصولها للقاع خلال 6 سنوات من الأزمة.
كان لهذه السياسة انتقادات وإشكالات لأسباب تبرز في:
– توقع التضخم (زيادة الأسعار) نتيجة هذا الضخ الكبير للنقود في السوق، لكن حافظ معدل التضخم على نسبة 1.5 – 2% وذلك نتيجة سياسة الفيدرالي الجديدة التي تقضي بإعطاء فوائد للبنوك التجارية على مبالغها المودعة لديه (الاحتياط النقدي الإجباري) وتحكمه في نسب الإقراض حسب السياسة النقدية لديه.
– مساواة المسرفين بالاقتراض الذين كانوا يطمحون لأرباح كبيرة وهم من كان لهم الدور الأكبر بالأزمة بالمعتدلين والمتعاملين مع الاقتراض بمنطقية، لكن تم تجاوز هذا الإشكال في سبيل رفع وتعافي الاقتصاد.
– أزمات في الأسواق الناشئة نتجت عن توجه هذه الأسواق لاستغلال أسعار الفائدة المنخفضة والأموال الرخيصة وتراكم ديون خارجية على هذه البلدان، وهذا سبب رئيس لأزمة الصرف الحاصلة بتركيا، إذا إن الفيدرالي بعد انتهاء الأزمة بدأ بسحب ما تم ضخه من سيولة في الأسواق ورفع سعر الفائدة، ويتوجب على هذه البلدان تسديد التزاماتها.
– يرى البعض في الحل استفادة للبنوك على المدى القصير في التخلص من أعباء الديون المعدومة والاستثمارات العاطلة، لكن مع وجود شكوك في إمكانية أن تعود أسعار هذه الأصول إلى الارتفاع في المستقبل (وبالتالي ترحيل المشكلة زمنياً ليس أكثر).
أما على سبيل القوانين التي تمت في سبيل الحل كان منها:
– اللجوء لتأميم بعض المؤسسات المالية الكبيرة للدفاع عن الاقتصاد القومي.
– رفع سقف الضمانات للمودعين من مئة ألف دولار إلى 250 ألف دولار لمدة عام واحد.
– منح إعفاءات ضريبية تبلغ قيمتها نحو مئة ملياردولار للطبقة الوسطى والشركات.
– تحديد التعويضات لرؤساء الشركات عند الاستغناء عنهم.
– منع دفع تعويضات تشجع على مجازفات لا فائدة منها.
– استعادة العلاوات التي تم تقديمها على أرباح متوقعة لم تتحقق بعد.
– يشرف مجلس مراقبة على تطبيق الخطة، ويضم هذا المجلس رئيس الاحتياطي الاتحادي ووزير الخزانة ورئيس الهيئة المنظمة للبورصة.
– يحافظ مكتب المحاسبة العامة التابع للكونغرس على حضور الاجتماعات الدورية في الخزانة، وذلك لمراقبة عمليات شراء الأصول والتدقيق في الحسابات.
– تعيين مفتش عام مستقل لمراقبة قرارات وزير الخزانة.
– يدرس القضاء القرارات التي يتخذها وزير الخزانة.
– اتخاذ إجراءات ضد عمليات وضع اليد على الممتلكات.
هل انتهت الأزمة؟
الكثير من الأصوات تحذر من أن الأسواق العالمية معرضة لخطر كبير، كما يتحدث خبراء عن أن مرحلة الانتعاش الاقتصادي الوهمي قد تنتهي، ولذلك مؤشرات أهمها تضخم معدلات الدين وتسجليها معدلات قياسية، فالدين العام والخاص في الدول الأربع والأربعين الأكثر ثراء بلغ 235% من الناتج المحلي مقارنة بـ 190% عام 2007، بالإضافة إلى المغالاة في تقدير قيمة أصول الشركات وتزييف أسعارها من خلال عمليات الدمج.
فعندما يأتي المنعطف التالي، وسوف يأتي، من المرجح أن يكون أكثر عنفًا مما كان عليه. Michael Corbat*
لن يكون هناك سوى عدد قليل من الأدوات التي يمكن التعامل معها في حالة حدوث أزمة مالية، وليس هناك خطة للبنوك المركزية. Kenneth Rogoff
وإن ما يبعث على مزيد من القلق هي الأخطاء السياسية إما في الولايات المتحدة أو في الصين التي قد تقود إلى أزمة اقتصادية عالمية Nariman Behravesh .