تخفي الحشود التي استقدمها نظام الأسد إلى حدود منطقة إدلب خلال الأيام الماضية لما قال إنه تحضيراً لشن عملية عسكرية على المحافظة ورائها حالة الاضطراب والتخبط التي تعيشها قوات الأسد، كون جل القوات الواصلة من الميليشيات المحلية وشباب المصالحات حديثاً.
وأكدت مصادر عسكرية مطلعة أن خلافات عميقة لم تظهر للعلن بعد بين حلفاء الأسد بشأن المشاركة في معركة السيطرة على إدلب، لأسباب عديدة منها الصراع الروسي الإيراني في الساحل وحماة، وتراجع الموقف الإيراني هناك، إضافة لرغبة إيرانية في تعزيز وجودها بشكل سريع في دير الزور وتمكين وجودها هناك.
وبينت المصادر لـ “شام” والتي طلبت عدم الإفصاح عن هويتها أن إيران لم يعد لها أي مصلحة في السيطرة على إدلب أو المشاركة في أي عملية عسكرية هناك، كونها لاتعتبر منطقة ذات بعد استراتيجي لها، ولاتهمها جغرافياً إضافة لأنها انتهت من الضغط الشيعي لفك الحصار عن ميليشيات كفريا والفوعة بخروجها مؤخراً.
من جهة أخرى، ساهم الصراع الروسي الإيراني البارد في سوريا وقبله الضربات الإسرائيلية على موقع إيران في تقويض قوتها ونفوذها في ريف حماة، حيث استطاع الأمن العسكري ومحافظ حماة والأمن الجنائي من وضع خطة تحويل وكلاء إيران السوريين للعمل بالفيلق الخامس اقتحام أو الملاحقة والتضييق ماساهم في تراجع نفوذها وجاء مؤخراً قطع يد من بقي منهم عن السيطرة على حواجز شمال حماة التي ترتبط بالمحرر.
ورأت المصادر أن أولوية أيران في هذه المرحلة تعزيز نفوذها وتواجدها في محافظة دير الزور، ومحاولة تثبيت أركانها بشتى الوسائل، في مواجهة الرغبة الدولية على إنهاء وجودها في سوريا، حيث أن لدير الزور بعد استراتيجي كبير في مشروعها في الشرق الأوسط.
وفي هذا الصدد، كشفت صحيفة “عكاظ” السعودية أن زيارة وزير الدفاع الإيراني أمير حاتمي إلى دمشق تأتي في ظل الضغط الأميركي على طهران للخروج من سوريا، مشيرا إلى أن الضغوطات دفعت وزير الدفاع لزيارة سريعة للعاصمة السورية للوقوف على موقف رأس النظام بشار الأسد من التفاهم الروسي الأميركي حول طرد الميليشيات.
وكان ذكر موقع “ديبكا” الاستخباراتي الإسرائيلي أن حزب الله رفض المشاركة في معركة محتملة بإدلب مُتمرِّداً بذلك على أوامر طهران للمرة الأولى في تاريخه وفي تاريخ الحرب السورية، كما بدأ فعلياً بسحب قواته من سوريا، وذلك وَفْقاً للمصدر الإسرائيلي.
وعلى الرغم من تواصل حملات التجييش الإعلامية والعسكرية للنظام وحلفائه ضد محافظة إدلب، إلا أن الاضطراب والخوف بات ظاهراً من مغبة المغامرة في معركة استنزاف طويلة، لاسيما أن بدء المعركة قد يخلق تطورات سياسية وعسكرية مضادة تدفع دولاً إقليمية وغربية لدعم الثوار في مواجهة روسيا والنظام في هذه المعركة في حال إصرارهم على خوضها.
وتراقب قوات الأسد بشكل جلي تعزيزات الفصائل وتحضيراتها للمواجهة، وتعي جيداً أن إدلب باتت مركز تجميع كبير للرافضين للتسوية وإن حظوظ الاعتماد على عملائهم كما حصل في الجنوب السوري والغوطة نسبته ضئيلة في إدلب.
كما أنها تدرك أن العملية العسكرية على إدلب لن تكون سهلة لروسيا كباقي المعارك وفق محللين، فهنا فصائل ترفض أي تسوية أو تسليم وتقاتل عن عقدية قتالية بأنها مسألة وجود أو فناء وبالتالي ستواجه روسيا مقاومة شرسة وكبيرة وقد لاتمكنها من حسم المعركة مهما استخدمت سلاح الجو في دعم النظام.
كما أن عملية إدلب لها إضافة للأبعاد الداخلية أبعاد إقليمية كبيرة، ستنعكس أثارها سلباً على علاقة روسيا بالدول المعنية بالملف السوري، وسيكون إعطاء الأسد مزيداً من السيطرة على الأرض على حساب مصالح روسيا الإقليمية والدولية في مواجهة المعسكر الغربي، وبالتالي فإن المغامرة في هذه المعركة يشكل تحدياً كبيراً بالنسبة لها.
ووسط هذا السجال والخلاف والاضطراب الذي ظهر مع توقف توافد الأرتال، ثم توجه النظام خلال اليوميين الماضيين لنقل طائراته المروحية والرشاشة والحربية من حماة وحلب باتجاه الجنوب خوفاً من أي ضربة أمريكية، إلا أنه يبقى من الحذر والحيطة الاستمرار في تعزيز الجبهات وتمكين الصفوف الداخلية في إدلب وترقب أي تطور قد يغير المعادلة ولربما تنقلب الموازين لصالح الثوار ويتمكنوا من الاستفادة من هذا الوضع في الوقت الحالي لتحقيق مكاسب إضافية على الأرض.
المصدر:شبكة شام