دعاء علي
لم يأتِ من فراغ هذا القائد، بل كان له مواقف كثيرة سابقة جعلته يكبُر في قلب محبيه، فأذكر يوم استدعي السفير التركي في تل أبيب من قبل وزير الخارجية (على خلفية مشهد عرض في مسلسل وادي الذئاب) وبقي واقفا عدة دقائق قبل دخوله، ثمَّ جلس على كرسي أدنى من كرسي مضيفه، وكان الأمر مقصودا، وكان الغرض إهانة تركيا من خلال سفيرها، طالب وقتها أردوغان تل أبيب باعتذار رسمي، وإلا ستتوقف التدريبات العسكرية، وبالفعل تمَّ الاعتذار.
في دافوس حضر المؤتمر بسبب الاعتداء الإسرائيلي على غزة، وعندما لم يعطَ الوقت الذي أخذه الإسرائيلي، فترك المؤتمر وقام عمرو موسى وصافحه، ولكن الأخير لم ينسحب معه، بل عاد وجلس.
واستقُبل أردوغان في المطار استقبال الأبطال عند عودته.
كان أول من وقف مع السوريين في ثورتهم، وفتح حدوده للنازحين جراء القصف والنيران، في الوقت نفسه بقيت عائلات سورية عالقة على حدود دول الخليج ولم يسمح لها بالدخول.
ويقوم على إنعاش السوريين في الداخل أيضا، فمنها فقط يدخل الدم الذي يجعل الحياة مستمرة رغم ما تعانيه العائلات الصامدة في سوريا.
وقد صرَّح أردوغان في بداية الثورة أنَّه لن يسمح أن يصل أعداد السوريين إلى مئة ألف، ولن يسمح بحماة ثانية، وعلى الرغم من تجاوز العدد أكثر من عشرة أضعاف، تحولت معظم مدن سوريا إلى حماة، إلا أنَّه واجه ضغوطات دولية بسبب موقفه من الشأن السوري، وكانت محاولة الانقلاب هذه لو نجحت كفيلة بإنهائه و(القضاء على الإسلام وليس على تركيا) أمَّا وقد انقلب السحر على الساحر، تحولت تركيا من شوكة إلى عصا في حلق أعداء الإسلام والمسلمين.
ومن المفيد أنَّ نتعلم أنَّ الانقلاب فشل لعدة أسباب:
*شعب متفهم ويعرف ماذا يريد، عانى الأمرين من حكم العسكر، فلن يسمح بتكرار المعاناة، ترك الخلافات جانبا، وكون سدا منيعا في وجه الإنقلاب.
بينما نحن انقسمنا إلى ثلاثة أقسام: بين مع وضد وما دخلنا، لم ندرك أنَّ هذا الانقسام كان نقمة كبيرة علينا وأوصلنا إلى ما نحن فيه، بل وزادت الخلافات بيننا والانقسامات في الوقت الذي يجب أن تكون أعيننا على سوريا فقط.
*رئيس استعان بشعبه وجعله شريكا، له وأصبحت تركيا كفرقة أوركسترا تعزف لحن النصر بقيادة زعيمها، انتصار سيصبح درسا لعقود قادمة. وهنا أذكرُ أول خطاب بعد الثورة، فقد تحدث عن أمور لا علاقة لها بالوضع الحالي آنذاك والبسمة لم تفارق فمه، وكأنَّ الأمر لا يهمه، لم يعتذر عن الأخطاء، ولم يقل إنَّه سيحاسب المقصرين، فعرف البعض أنَّه في وادٍ ليس موجودا في سوريا.
*اعتبار الجيش رديفا للشعب وليس أفضل نخبة، ومن يخطئ سيحاسب، ولا أحد فوق القانون وإن كان يحمل أعلى الرتب والمناصب، وعندنا الأمر مختلف، فالجيش منذ عقود هو لحماية الرئيس ولا علاقة له بالوطن، فقد تمت تجاوزات من قبل العدو الإسرائيلي عدة مرات لم نشهد سوى الاحتفاظ بحق الرد.
*هناك بعض القنوات الفضائية يجب حذفها من قاموس الإعلام بسبب اختلاقها أحداثا لم تكن إلا في مخيلتها وكانت مناقضة للحقيقة، ومن بينها قنوات سورية ومصرية، والعربية وسكاي نيوز وغيرها أكدت نجاح الانقلاب، واستنكرت كيف يهان الجيش بتلك الطريقة، أما وقد أهان الجيش السوري نفسه عندما قبل بقتل المدنيين وتدمير الوطن فهذا الصواب من وجهة نظرهم، أو إنَّهم لا يرون ما حدث ويحدث في سوريا.
*الدرس الأهم لنا نحن السوريين أن نتعلم لا شيء يعلو فوق الوطن، مهما كان الشخص، رئيسا أو ائتلافا أو منظمة أو داعما، لنترك خلافاتنا وراء ظهورنا ونوحد كلمتنا وصفوفنا علنا نخرج بنصر من عند الله، ونثبت للعالم أننا شعب يستحق الحياة بعد انتظارنا العرب وغيرهم، فقد ضاعت سنوات سدى، فكفانا مناشدةً.
وما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا