ترجمة | ضرار الخضر
بعد سنوات من التنسيق الحذر مع إسرائيل، والإذعان لاختراق إسرائيل الخطوط الحمراء في سورية، تعمل روسيا مع عدوها التاريخي إيران، وفي الوقت الذي يبدو فيه أن هدف روسيا في سورية هو ترسيخ قواعدها في طرطوس واللاذقية، أفادت تقارير مؤخراً بأن روسيا تُحوّل اللاذقية إلى الإدارة الإيرانية، لتُكمل إيران الجانب الغربي من هلالها الشيعي، وعلى الأغلب ستُدير روسيا ظهرها لمبدأ ” لا مناطق سيطرة لإيران أو حزب الله” قرب الحدود الإسرائيلية التي ساعدت على إنشائها، لتترك إسرائيل تتدبر شأنها دون دعم سياسي خارجي كبير.
لقد أنشأت روسيا مع تركيا منطقة منزوعة السلاح في إدلب، مع الاتفاق على تسيير دوريات مشتركة، وباتت المناطق نافذة في شهر تشرين الأول عام 2018، والدوريات المشتركة في غالبيتها تركية، ممَّا يجعل المعقل الأخير للثوار السوريين بيد تركيا، ويمكن أن يكون هذا مثيراً للاهتمام لاحقاً، فتركيا هي التي موّلت وسلّحت الثوار السوريين منذ بداية الحرب، ويمكن أن تشكّل إدلب منطلقاً لثورة وعنف جديد في وقت تختاره تركيا.
موسكو ستكون راضية الآن عن نفوذها السياسي
الجزء الأكبر من الميليشيات الشيعية غير الإيرانية ستبقى في سورية، وبذلك يحتلُّون الجزء الرئيس لمركز السُنَّة التاريخي في سورية. وكان المركز السياسي اليهودي قد نشر عام 2018: ” يمكنك أن ترى الدمار في حمص وحماة وحلب، وضواحي دمشق السنيّة ومخيمات النازحين الفلسطينيين قرب العاصمة التي رزحت تحت الحصار منذ البداية، ومخيم اليرموك كان عدد قاطنيه 150 ألفاً لم يتبقَ منهم سوى 4300 ومخيم خان الشيح كان بالأصل 20 ألف نسمة بقي منهم الآن 10 آلاف، وتقود الميليشيات الشيعية التي شُكِّلَت في إيران القتال الإجرامي في ضواحي دمشق السنية، ولم تردعها مطالبات الأمم المتحدة بالتوقف”.
ويتابع التقرير: ” تُقدّر مصادر أمريكية عدد الأفراد الموالين لإيران في سورية بأكثر من 80 ألفاً،” وتقول مصادر إسرائيلية: “إن ثلاثة آلاف من الحرس الثوري الإيراني يقودون تسعة آلاف عنصر من حزب الله وعشرة آلاف من الميليشيات الشيعية الإجرامية التي تم تجنيد أفرادها من بلدان الشرق الأوسط مثل العراق وأفغانستان وباكستان، والبقية سوريون متشيّعون، وتسيطر إيران على قوات في سورية تفوق ما لدى الحكومة السورية من قوات، وتقول هيومن رايتس ووتش: “إن إيران تُجبر اللاجئين الأفغان والباكستانيين في إيران على الانضمام إلى الميليشيات”.
إيران وتركيا، العدوان التاريخيان، سيتعاونان معاً للسيطرة على المناطق ذات الغالبية الكردية في الشمال السوري، إذ يسيطر الأكراد وحلفاؤهم من السُنَّة حالياً على مناطق آبار النفط في سورية، وكانت تركيا قد نفّذت غارات جوية على المواقع الكردية منذ عام 2015، لكن الهجوم التركي الإيراني المشترك هذا الأسبوع هو الأول من نوعه، وتدّعي تركيا أنه موجّه فقط ضد حزب البي كي كي، لكن قواتها بالتأكيد لن تطلب هويات من تهاجمهم حتى تميّز بينهم.
إن أعداد الضحايا في سورية باتت مذهلة! ففي نهاية عام 2018 وحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، فقد قُتِل أكثر من 500000 سوري 85 % منهم مدنيون قتلتهم الحكومة السورية وحلفاؤها، ولم ينشروا إحصائية بعدد الجرحى، وفي عام 2011 كان عدد سكان سورية 23 مليوناً، وفي تشرين الثاني من عام 2018 كان 5.6 مليون سوري قد نزحوا إلى خارج البلاد، وحسب مفوضية شؤون اللاجئين العليا، فقد نزح حوالي 6 مليون سوري نزوحاً داخلياً، أي ما يعادل نصف السكان.
وبينما يتلاشى الجحيم الذي ساق بشار الأسد شعبه إليه، يتواصل القتال على الجثة وستستمر العواقب لعقود.
الكاتب: شوشانا براين كبير باحثي مركز الدراسات اليهودية في واشنطن.
الصحيفة: واشنطن بوست