سبعُ سنواتٍ من الحرب كانت كفيلةً لإيصال المنطقة إلى حالةٍ من الفوضى والاضطراب، فما بين تعدّد القرارات وتضارب الأنباء لا يكاد ينتهي الناس من سماع أخبار القصف والقتل والتهجير إلا وتجيء أخبار الجثث التي تُكتشف بشكل يومي على أطراف القرى والمدن لتكون هذه الأخبار خاتمةٌ يومية لأخبار الموت والأشلاء، يقرأ الناس أخبار تلك الجثث على مواقع التواصل ويحاولون جاهدين تفحّص ملامح وشكل الجسد والوجه علهم يتعرفون على الشخص ليخبروا أهله وذويه أو لتكون الفاجعة للقارئ نفسه.
مآسٍ تزيد من حدة خوف و قلق أبناء المحافظة و خصوصاً أصحاب الأعمال الليلية أو المتنقلون بسياراتهم بين المدن ، فقد تنوعت طرق القتل و رمي الجثث ، فتارةً بين الأشجار و تارةً على الطرقات، و مرةً بطلقةٍ بالرأس و مرة أخرى لجثة مطعونة كانت قد وصلت مؤخراً لكادر الطب الشرعي لمديرية صحة إدلب التي تضع تلك الجثث بثلاجات الموتى لديها و تحاول جاهدةً بعدها أن تنشر علاماتٍ و صور الجثة ليعلم بها ذووها و يأتوا لأخذها و دفنها ، حيث أن الطب الشرعي هنا لا يستطيع سوى تحليل عمر الضحية و سبب وفاتها و تحليل الضرر المباشر من نزيف داخلي أو ضرر بإحدى الأعضاء نتيجة طلقٍ ناري أو غيرها من أساليب القتل .
زيادةُ تلك الحالات في الفترة الأخيرة ترافقت مع زيادة توتر الحالة النفسية للناس لتبدأ هنا التساؤلات عن أسباب هذا الفلتان الأمني و وضع اللوم على الجهات المسؤولة في المنطقة ، و حيث بدى واضحاً في حديث الشارع مطالبات الناس بوضع هيئات و كوادر حقيقية للقيام بعمليات التحقيق و تنظيم دوريات ليلية في الأماكن التي تكثر بها هذه الحوادث ، لم يتوقف الأمر على حالات القتل فحسب بل تنوعت الحوادث لتشمل الخطف و السرقة حيث يروي أحد الأشخاص الذي رفض أن نضع اسمه قصة أخاه الأصغر الذي يعمل بسيارة نقلٍ و طلبات ضمن المحافظة و أثناء عودة الأخير من إحدى رحلاته الداخلية في وقت متأخر يتفاجأ بعدة أشخاص مسلحين ليوقفوه و يضربوه على رأسه و يُخلّصوه سيارته و نقوده و حتى هاتفه النقال ، ينتهي الأخ الأكبر من رواية قصة أخيه تلك بحمد الله لرجوع أخيه سالماً إليهم و بدعائه أيضاً على الذين يزيدون عناء الناس بأفعالهم تلك .
يعيش الناس في الفترة الأخيرة حالة ترقبٍ وخطرٍ شديدين بين فئة تتوقع انتهاء حقبة الشتات والعذاب وفئة أخرى تتوقع زيادة التفرقة الحاصلة في مناطق البلد وفئات المسؤولين عنها، مع تمني الجميع وسعيهم أن يعود الأمن والسلام بأي وسيلة من شأنها تخفيف عناء الناس وآلامهم.