سبقت العقوبات الأمريكية على طهران مطلع الشهر الحالي تمرير مجلس الشيوخ الأمريكي لمشروعي قوانين يستهدفان حزب الله وداعميه من خلال تصنيفه “منظمة إجرامية دولية ” رغم أنه مصنف إرهابياً منذ عام 1997 غير أن المشروعات الأخيرة التي أقرها ترامب تسمح للولايات المتحدة بملاحقة حزب الله في الدول التي لا تصنفه إرهابياً.
السياسة الجديدة بالتعامل مع حزب الله تندرج ضمن السياق العام لخطط الولايات المتحدة بالضغط على النظام الإيراني دون الصدام العسكري معه أو مع حلفائه، وهو ما دفعها لاتباع الخطوات نفسها بالتعامل مع حزب الله
الحزب المنتشي بإنجازاته في سورية حقق مكاسب لا تخفى على عين متابع، فمن تحوله بالتعامل مع النظام السوري كتابع وأداة إلى شريك ومحاصص انتقالاً إلى الخبرات العسكرية واتساع مناطق نفوذه، إلا أن الحزب في الفترة الأخيرة يبحث عن أساليب للحفاظ على مصالحه بطرق جديدة مع اتضاح معالم المعركة القادمة التي تقوم على الاقتصاد والتألب الشعبي.
فقد استدرك الحزب انخفاض الدعم الإيراني الذي وقع انعكاسًا للعقوبات عليها بحملة تستعطف حاضنته لتقديم تبرعات مالية، فيما بات يفكر جدياً بتقليص وجوده في سورية دون إغضاب إيران من خلال تجنيده لمقاتلين “مصالحين” في الجنوب السوري وسحب بعض مقاتليه للداخل اللبناني لتقليص نفقاته العسكرية، والحدّ من سيل الاستنزاف البشري الذي وصل إلى 2000 مقاتل حسب أحدث إحصائية.
ومن جهة أخرى بات حزب الله في الفترة الأخيرة محاصَرًا سياسياً من التيارات والفرقاء اللبنانيين بعد أن دفعت به إيران في أتون صراعها مع السعودية والولايات المتحدة من خلال استخدامها لنفوذ الحزب في تشكيل الحكومة اللبنانية وتعطيله للإفراج عنها لصالح حسابات طهران الإقليمية والدولية.
كما أن الاعتراض السياسي من الأحزاب وبعض الشخصيات اللبنانية على عودة اللاجئين السوريين إلى سجون الأسد والتهديدات الإسرائيلية الأخيرة بنقل المعركة إلى لبنان بعد توقف ضرباتها على سورية على خلفية إسقاطها للطائرة الروسية تفرض على الحزب ترتيب صفه الداخلي والتحضير لمعركة التداعيات نتيجة تدخله في الملف السوري.
ولعل الحزب بات يخشى ارتدادات التصنيف الأمريكي على وضعه الداخلي في لبنان، فتحوله إلى منظمة إجرامية هو مقدمة لطرح تساؤلات لبنانية ودولية عن منطقية أنه أحد مكونات العملية السياسية وممثل بوزراء في الحكومة اللبنانية.
وبالعودة إلى سورية فمن المعلوم أن وجود الحزب فيها هو أمر محسوم بارتباطه مع معركة انسحاب إيران من سورية، غير أن السياسة الإيرانية القائمة على دعم أذرعها قد تخرج الحزب من هذه المعادلة، أما بالنسبة إلى روسيا فهي لا تريد أن تفقد ورقة ابتزاز ومساومة في مواجهة الولايات المتحدة وإسرائيل قبل أن تضمن مصالحها، كما أن الروس والنظام السوري لن يتنازلا عن ذراعهم البرية في ظل استمرار الوجود الأمريكي شرق الفرات مدعوماً بقوات قسد. فهل سيبقى الحزب ضامناً لتناقضات المصالح أم أنه سيفقد دوره الوظيفي لصالح تفاهمات دولية؟