السؤال وما أدراك ما السؤال؟ السؤال الذي هو مفتاح العلم والمعرفة والاكتشاف والتقدم والازدهار..
لكن ويا للأسف، فقد أضعنا المفتاح برميه في غياهب البئر، تراكمَ الغبار على هذا المفتاح لعدم استخدامنا إياه، فظننَّا أنَّه قد أصابه الصدأ، فأردنا التخلص منه، أو أنَّ الخوف قد أصابنا من تجريبه، فربما إن استخدمناه سيدخِلنا إلى عوالم جديدة غير مألوفة عمَّا تعلمناه وعشناه.
الكثير منَّا يفضِّل البقاء في دائرة الأمان، ولا يحب المخاطرة والخروج عن المألوف، وفي الحالتين أسأنا استخدامه، واستصغرنا من قيمته وشأنه، وأسأنا استخدامه في أهم المواضع التي هي سبيلنا لفهم الحياة والهدف من الوجود، تلك المواضع ستكون طريقنا للنجاح في الدارين.
رددنا السائلين عن الدِّين على أعقابهم، وتركناهم في حيرة تودي بهم لمتاهات وعواقب وخيمة…
اتهمنا الباحثين عن الحقيقة والسائلين عنها بالكفر والإلحاد، حتى سلك البعض منهم طريق الضلال بعد أن كاد يصل إلى الهدى!
فَعَلنا هذا وأكثر مع أنَّ القرآن ينبهنا بقوله ((وأمَّا السائل فلا تنهر))!
لا تنهره باستهزائك بأسئلته، لا تصغِّر من شأنه بأنَّه لم يصل بعدُ إلى سنٍّ يحقُّ له السؤال..
لا تنهر السائل بأنَّه لم يصل إلى درجة العلم الواسع، فبدون سؤاله هذا لن يصل إليه..
والقرآن يعلمنا منهاج السؤال في الكثير من القصص والآيات المذكورة فيه..
فهذا إبراهيم النبي يسأل الله عن كيفية إحياء الموتى، وهذا موسى يسأل الله بأن يراه جهرة، حتى الملائكة تسأل عن سبب خلق الله خليفة له في الأرض في الوقت الذي تسبحه وتحمده!
وهناك عدد من الآيات أيضا تبدأ بصيغة (ويسألونك)، فالله يريدنا أن نتعلم السؤال الصحيح وكيفيته عبر طرحه أمثلة عن الصحابة والرسل وغيرها..
والقرآن نفسه يستخدم صيغة السؤال في الكثير من الآيات أيضا.. أفلا يعقلون؟ أفلا ينظرون؟ إلخ..
والقرآن يوجِّه هذا النوع من الأسئلة لأولي الألباب، لأصحاب العقول الكبيرة، يوجهها لهم ليعلمهم التساؤل وكيفيته…
السؤال هو إحدى الفوارق الكبيرة بين الإنسان والكائنات الأخرى، فالسؤال يدلُّ على عقلٍ يعمل ويفكر ويتأمل ويبحث، وهو إحدى النعم التي وهبنا إياها الله لكيلا نصبح ذوا عقولٍ جامدة لا تقدم ولا تأخر، ولكيلا نموت قبل أن نموت…
ولا شكَّ أنَّنا إن أعطينا السؤال حقَّه، فالسؤال أيضا سيعطينا حقَّنا..
إسلام سليمان