يا رايحين ع حلب .. حبّي معاكم راح
يا محملين العتب .. جوا العتب جراح
طرقات السفر وحقائبه المتعبة مليئة بمثل هذه الجراح التي لا تنتهي، ونحن نرقب من نوافذنا المغلقة المدينة التي نحب، تبتعد عنا يوماً بعد آخر،..
في نفوس آلاف من خرجوا منها وما زالوا يحلمون .. الكثير مما يمكن أن يقال، في خواطر أولئك الذين يجثمون قريبا منها على أمل العودة، وأولئك الذين رفضوا إلقاء بنادقهم ومازالوا يقررون الموت من أجلها ويستشهدون على جبهاتها القريبة طمعا في حضنها
اولئك الذين يجعلون منها دروساً للنصر ويحكونها لأبنائهم .. كوصايا تستعصي على النسيان
أولئك الذين يحلمون بعودتها كأي أم .. أو ابن يتيم .. ولا يملّون من ترديد تفاؤلهم كيقينٍ راسخ في حق رفات الموتى الذين أقسموا أن تحتضنهم إلى الأبد
يصرون عليها جميعا .. كحق قديم بعمر قلعتها، وكيقين يشبه القيامة
حلب التي يريدون سقطت للحظات فقط، مهما كانت هذه اللحظات طويلة، فهم لا يريدون الاقتناع بأنّها حقيقة
حلب أسقطت معها الكثير من أوهامهم، ليتعلّموا كيف يجب أن يحملوها في المرات القادمة.
حلب التي لا يريدون تصديق سقوطها، تراهم اليوم يضعون أيديهم واكتافهم ليحملوها كحلمٍ يستعصي على الفناء مهما حاولت ضربات الزمان النيل منه، فحلب المدينة القديمة بقدم الزمان الذي عرفه التاريخ جديرة بأن لا ترضخ لضرباته مهما كانت موجعة، وأن تكتب تاريخها الخاص في كل مرة ..
إنها حلب يا سامعين الصوت .. في نداء شيوخها المتردد كالصدى، إنها ذلك الموال الذي لا زال يُبكي جميع من استمع إليه، دون أن ينال من عزائمهم، وعلينا نحن، من عاش جميع تفاصيلها (إنها الباقية)
حلب الناي والغربة والأوتار التي تقطعت بفعل صاروخ ما، أصاب العود في مقتلة، ولكن لحنا شجيا مازال يتردد في اسماعنا ..
فلا الهزيمة قائمة ولا القدر يعاند
المدير العام | أحمد وديع العبسي