شرعَ النظام بداية الثورة السورية بتلفيق الأحداث وتزوير الحقائق تماشيًا مع مصالحه وتلميع صورته أمام الرأي العالمي والداخلي، ولم يبخل إعلامه في صنع المعجزات والخرافات سواء عن طريق قنواته الرسمية أم الحليفة له.
حيث قام بسلسلة ممنهجة من الأكاذيب التي خطط لها ضمن غرف عمليات صناعة الكذب والتأثير بالمشاهدين وخاصة مؤيديه بالداخل الذين يعتبرهم خرافًا عنده يبثُّ لهم ما يحلو له من ألاعيب ومسرحيات تبتعد كلَّ البعد عن الواقع والحقيقة.
فبعد إفلاس إعلامه وفقدان الثقة به نتيجة التضليل الممنهج عبر قنواته، لجأ مؤخرًا إلى بثِّ مسرحيات جديدة، لكن بأبطالٍ مختلفين، حيث استعان بالطفولة؛ كي يلعب بعاطفة المشاهدين والموالين له، ويعزف على وتر المشاعر ويكسب قلوب المؤيدين له مُجددًا.
بدأ أولى مسرحياته؛ عندما كان يُحاصر المدنيين في الغوطة الشرقية، عندما بثّ شريطًا مصورًا لطفلين هاربين من قبضة الثوار وهما في حالة بكاء شديد بعد وصولهما إلى الجيش السوري وذلك بحضور عدسات التلفزيون السوري بالصدفة على جبهات القتال في الغوطة الشرقية!! في مشهد يدل على انحطاط الأخلاق الإعلامية والإنسانية التي ماتت بين دموع الطفلين.
مشاهد مماثلة تكررت كثيرًا على شاشات التلفزة التابعة للنظام السوري، وكان آخرها؛ مشهد الطفلة “فجر الشام” التي تبلغ من العمر ثلاث سنوات، حيث جسّدت المسرحية معاناة والد الطفلة وهو من عناصر الجيش العربي السوري الذي ناشد الجهات المختصة لإعادة ابنته إليه، حيث قال إنه لم يشاهدها منذ سنتين إلا عن طريق الصور، فمنذ ولادتها؛ أختطفها جدها وهو من الثوار في منطقة جرابلس بالشمال السوري، لكن الأجهزة المختصة، العين الساهرة على الوطن وأمنه، قامت بإعادة الفتاة إلى والدها في مشهدٍ درامي لا يخلو من الدموع والآهات من أبطال الجيش العربي السوري، ووالد الفتاة البريئة واحد منهم!
النظام السوري بعد أن فقد المصداقية والنزاهة في كل شيء، يحاول العودة من باب الإعلام، عن طريق اللعب على وتر الطفولة التي تعتبر رمزًا للنقاء والبراءة، والتي يُعتبر النظام عدوًّا لها، فقد قتل وشرّد خلال سبع سنوات، ملايين الأطفال في كل المناطق السورية.
فهل سيُغيّر العالم نظرته له، عن طريق هذه المشاهد، التي تكاد تكون أقرب إلى مسرحياتٍ درامية، أم لن تُغيّر شيء، فقد غرق النظام وإعلامه بالوحل، وبلغ السيل الزبى.