عبد الملك قرة محمد |
للنازحين هموم أخرى في شهر رمضان المبارك إلى جانب ارتفاع أسعار المواد الغذائية والمحروقات، أبرزها صعوبة توفير قيمة إيجار المنزل المُستأجَر في ظل ارتفاع الإيجارات وانخفاض الليرة السورية، والحق يقال: لم يعد أحد يقبل بالعملة السورية؛ فالإيجار حصرًا بالدولار، فكيف للنازح أن يعيش وسط انتشار البطالة والفقر؟!
حملات كثيرة أطلقها شباب سوريون مع بداية شهر رمضان المبارك؛ لأنهم آمنوا بدورهم الفاعل بالمجتمع، منها حملات إغاثية وأخرى صحية، لكن حملةً واحدةً فقط حملت قالبًا جديدًا وكانت ذات بعد اجتماعي واقتصادي معًا، إنها حملة (سامح المُستأجِر) التي أطلقها في مدينة إدلب وريفها فريق (سوريانا المسرحي).
“كان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان، لذا كن أنت مجواد رمضان، وسامح المُستأجِر في هذا الشهر الفضيل لعلك تتركه يُأمِّن حاجات بيته كلها” وعن نبينا الكريم عليه الصلاة والسلام قال: ” إنك لن تدع شيئًا ابتغاء الله إلا آتاك خيرًا منه. “
هذه النصوص ونصوص أخرى تضمنتها البروشورات التي وزعها أعضاء الفريق في مناطق متفرقة من إدلب وريفها حثًا للناس على التكافل الاجتماعي.
الأستاذ (غيث الصغير) مشرف الفريق قال: “إن حملة (سامح المُستأجِر) في رمضان أطلقها (فريق سوريانا التطوعي) الذي يعمل في المجال المسرحي والإنساني بلا أي مورد أو دعم مادي منذ أربع سنوات على التوالي لمساعدة المُستأجِرين الفقراء والمهجرين في شهر رمضان المبارك.”
وأضاف أن “الحملة تضمنت توزيع بروشورات على الناس في الطرقات العامة، كما تم تصوير فنانين وإعلاميين مشهورين في الداخل السوري يحملون عبارة (سامح المُستأجِر) ولم تقتصر الحملة على مدينة إدلب فقط، بل توسعت في عدة مناطق في الشمال السوري.”
ونوه مشرف الفريق أن “فكرة الحملة جاءت من شاب نازح بالفريق يواجه مشاكل في غلاء الإيجارات، فمن وحي الواقع تُولَّد فكر المساعدة والمبادرة لأهلنا في الشمال السوري.”
وتهدف الحملة لمساعدة المهجرين والنازحين وإعطاء صورة جميلة عن حبنا لبعضنا البعض والإخاء والتكافل بين أبناء الوطن الواحد وفقاً لمشرف الفريق.
وشملت الحملة بحسب الأستاذ (غيث) مدينة إدلب وريفها، حيث تبلغ الإيجارات بالحد الأدنى ٢٥٠٠٠ ليرة سورية، وقد تصل إلى أكثر من 100 دولار، وقد لاقت كغيرها من الحملات التي أطلقها الفريق تجاوبًا كبيرًا من سكان إدلب وغيرهم من عموم سكان المناطق المحررة.
ولفريق (سوريانا) حملات ومشاريع وأعمال فنية أخرى منها مسرحية (مدرسة المشاغبين) لمدرسة (القلوب الصغيرة) في المسبح البلدي، بالتعاون مع فريق (سراج) و(صندوق الدنيا) لمدرسة (واحة الشام) في المركز الثقافي في مدينة إدلب، بالإضافة إلى حملة (فينا نساعد) التي انطلقت فعالياتها في فترة تهجير الأهالي من (معرة النعمان) إثر الحملة العسكرية التي شنها النظام السوري وروسيا منذ أشهر.
(سامح المُستأجِر) ليست حملة عابرة تهدف لخلق صدًى إعلامي، إنها صدى أولئك الذين ذاقوا برد الشتاء في الخيام واختاروا المبيت تحت الأشجار عندما لم يجدوا من يراعي ظروفهم ويؤويهم في بيت قد يوفر لهم شيئًا من الحماية والأمن والراحة التي طالما افتقدوها، إنها صرخة في وجه أصحاب البيوت: “كفاكم استغلالاً سامحوا المُستأجِر فرمضان كريم”.
الجدير بالذكر أنه رغم إصدار المجالس المحلية في عدد من المدن والبلدات لقرارات ضد رفع الإيجارات، إلا أنها لا تعدو كونها حبرًا على ورق، حيث شهدت أسعار البيوت، لا سيما في المناطق الحدودية، ارتفاعًا جنونيًا لا يتناسب حتى مع أصحاب الدخل المتوسط في الشمال السوري.