لا تعليق لي حول الأحداث الأخيرة سوى نصيحتي للشباب أن يكفوا عن المراهقة بعد اليوم، وليعلموا أنَّ ما زُرع في عقولنا من مشروع (الدولة الإسلامية أو مشروع تحكيم الشريعة) بكافة تشخصاته المعاصرة ما هو إلا وهم خادع، وفخ في طريق الحرية، وعصا غليظة على الرؤوس طالما وقفت بكبرياء أمام الاستبداد… وفجأة تظهر خلفها شركات أمنية ملتحية متشبعة بالزور والبهتان، لتخطف القنديل من يدهم وتسوقه إلى تيه التسافك والاحتراب، ساهم في ذلك دعاة غلاة، وشيوخ ضُلال، وحكومات طاغية، وأجهزة استخبارات دولية، مستغلين ظروف القهر والقصف والحرمان والتهجير الذي تعرض له شعبنا في سورية والعراق.
إنَّ الأمل مازال معقودا على شعبنا العظيم، تتبلور أمامه رؤية وطنية جامعة تجمع جميع الأحرار على اختلاف أديانهم وآرائهم لإسقاط نظام الفجور، وبناء الدولة المدنية الحديثة، دولة الحق والعدالة والقانون والمواطنة.
كما أنصح جميع الفصائل أن تتبنى الشعار الوطني وعلم الثورة شعارا لها، وأن تميز بين الدعوة والثورة، وأن تنتهج في سلوكها وخطابها لغة سياسية وطنية جامعة دون خوف من مزاودٍ معتوه معوق لحركة الثورة… كما أنصحهم جميعا بتجنب تدريس كتب العقيدة في المقرات العسكرية، ففي كتاب الله غنى عنها، وخاصة أنَّها تحوي كمية ليست بالقليلة من السموم التي تزرع التكفير والغلو في نفوس الشباب الغضة غير المختصين بعلوم الشريعة، ولقد كشفت الأحداث الأخيرة خطورة ظاهرة من يسمى (الشرعيبن) وخاصة الغلاة منهم على ثورات الحرية… وكذلك ننصح بترك ما يسمى الاحتساب على حريات الناس وحياتهم واقتصار الرقابة فيما يتعلق بأمن المجتمع فقط دون تعمق في شؤون الناس… واعلموا أنَّنا شعب مضطر تحت حكم الضرورة بل أشد، لسنا مطالبين بتطبيق الشريعة ولا تسيير الشأن العام وفقها … بل واجبنا اليوم دفع المفاسد والحفاظ على الأرواح لحين قيام حكومة منتخبة تتولى مسؤولياتها.