أحمد نعسان |
عشرات الأطفال قادتهم الحياة إلى (دار المتقين) لرعاية الأيتام في قرية (البردقلي) بالقرب من مدينة الدانا، نحو 85 طفلًا نصفهم من دون أب وأم، وُجدوا بين جدران هذه الدار حضنهم والمكان الآمن لهم.
مدير دار المتقين أحمد اليحيى (38عاماً) حاصل على شهادة دكتورة تقديرية بالعمل الإنساني من جامعة العالم المفتوح والمبادرة العالمية للقيادات الإنسانية يقول: “خطرت لي فكرة تأسيس دار لرعاية الأيتام في الشمال السوري، لسببين: الأول كان لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من جيل غير معروف ما هو مصيرهم في ظل الحرب، أما السبب الآخر لكوني تربيت منذ عمر الخمس سنوات يتيمًا، فسعيت جاهدًا لخدمة هؤلاء الأطفال.”
يضيف (اليحيى): “تم افتتاح الدار في عام2013، وبجهود فردية تم استئجار مبنى وتجهيزه، يتكون المبنى من 19 غرفة مقسمة إلى قسمين، قسم خاص للإناث وقسم آخر خاص بالذكور، يتولى كادران العمل في الدار، 12 موظفًا لكل كادر ويستمر عمله 3 أيام ونصف اليوم، ويضم الكادر مربين ومربيات، ومشرف تعليمي وإدارة وتنظيم، وطباخ ومستخدم وحرس.”
يعمل (أحمد اليحيى) وكادره بجهود عالية وإمكانيات ضعيفة جدًا ليرسموا على وجه الأطفال ابتسامة تنسيهم آلامهم التي لا يستطيعون حملها ويرعونهم بكافة السبل التعليمية والطبية والخدمية.
يأوي الدار الأطفال من عمر ثلاثة أشهر حتى 14 عامًا، وحصلت الدار على دعم من خبز وسلل غذائية من الهلال الأحمر التركي، أما بالنسبة إلى الأمور المادية الأخرى فهي رمزية تأتي من فاعلي خير على شكل تبرعات.
ويتابع (اليحيى): “منذ عام 2017 كنا نحصل على دعم ثابت بقيمة ألفي دولار أميركي سنويًا من فاعل خير، لكنه توقف، كما نتلقى أحيانًا بعض التبرعات الفردية لكنها ضئيلة وليست دائمة.”
وأردف قائلًا: “وبسبب قلة الدعم وضعف الامكانيات لتعين كادر تعليمي تم إغلاق المدرسة التي كانت موجودة ضمن دار الأيتام، فأصبحنا نقوم باستئجار باص لأخذ الأطفال إلى مدارس الدانا وسرمدا.”
محمد هنداوي (38 عامًا) المربي في دار المتقين يتابع الأطفال منذ استيقاظهم والإشراف على وجبة الفطور ثم الإشراف على تجهيز الطلاب ليوجههم إلى المدرسة، وبعد نهاية الدوام الدراسي يقوم بمتابعة الدروس والوظائف مع الطلاب، ومن ثم تأتي وجبة الغداء وعند الانتهاء من الطعام يبدأ المربون بدروس ترفيهية للطلاب.
عائدة الحسين (30 عامًا) تقول: “عملي متابعة هوايات الإناث مثل الرسم وأشغال يدوية ونسيج، لا أكلّ ولا أملّ من التنقل وتفقد أوضاع الأطفال ومشاركتهم أحزانهم ومآسيهم.”
وتتابع الحسين: “تم تسليم الطفلة (رنا وإخوتها) إلى أحد المخيمات في الشمال السوري في مخيم ومشفى الهداية، استقبلهم المسؤول هناك (خالد كنجو) لفترة كونهم نازحين، ثم قام بتسليمهم لدار الرعاية لدينا كونه ليس لديه القدرة على تربيتهم.”
لا تُخفي الطفلة رنا (11عامًا) سعادتها باللعب والمشاركة بالأنشطة التي قام بها المربيون للأطفال في دار الأيتام، وتقول لنا: “انتقلنا من قمة الحزن والألم بسبب الظروف التي عشناها أنا وإخوتي بعد فقدان أهلنا بقصف عشوائي طال بيتنا وسط أحياء حلب، إلى حالة من الفرح وتقبل الأمر، بعد مشاركتي بالرحلات والمسابقات التي وفرها لنا الدار، لقد كنت بحاجة إلى هذا النشاط لأنسى ما عشناه من خوف.”
يتمنى (أحمد اليحيى) أن يتم دعم التعليم في الميتم ويعم السلام في أراضي سورية، وأن ينظر الجميع إلى الأيتام، ويطلب من المنظمات إنشاء قرية نموذجية تستوعب كافة الأيتام مع أمهاتهم ويكون ضمنها كامل الخدمات من تعليم الحرف للأمهات للكسب الحلال.