خالد بركات
يظنّ بعضنا أنّ للمدرسة والمجتمع وحدهما دور أساسي في تربية الطفل الثقافيّة وأنّ الأسرة لا تستطيع القيام بشيءٍ في هذا النحو لأنّ واجب الأسرة الأول هو أن تهتم بغذاء الطفل ولباسه وألعابه وتوفر له الصحة قبل أن يذهب إلى المدرسة والمدرسة حينئذٍ ستتكفل بأمور ثقافة الطفل ويتوقّف عامل الثقافة المكتسبة على طريقة المعلم في إيصال المعلومة واختيارها واختبار صحتها.
والواقع هو أنّ العائلة يجب أن تبدأ بالتربية الثقافيّة لدى الطفل وبأسرع وقت فالعائلة التي يكون أفرادها أميّين وغير متعلمين يصعُب عليها أن توفّر الجوّ المناسب للطفل للثقافة اللازمة لاكتمال الوعي لدى الطفل منذ الأعوام الأولى أمّا العائلة التي يعيش فيها الآباء حياةً ثقافيّة منفتحة على الثقافات وعلى اكتساب كل ما هو جديد والتي تشكل فيها الثقافة جزءاً لا يتجزّأ من الحياة اليوميّة العائليّة فإن التربية الثقافيّة ستتوفّر فيها وإن لم يفكر الآباء بذلك.
فالعادات الثقافية تتكون من تلقاء ذاتها، ويجب أن تكون تربية الطفل الثقافيّة مبكّرة جداً حتى قبل أن يتمكن الطفل من القراءة فالوسائل الثقافيّة التي يعتمد عليها الآباء في نقل الثقافة الاجتماعيّة أو الدينيّة لا تقتصر على القراءة بل يجب على الآباء البحث عن وسائل أكثر تأثيراً وأقل جموداً.
وهنا لا بأس بوجود قصص قصيرة في المنزل كي يستطيع فهمها الأطفال الصغار وتكون سهلة الأسلوب حتى يدركوا معناها واختيار القصص ليس بالأمر السهل للطفل وبالغ الأهميّة حتى تستطيع أن تخاطب عقول الأطفال الصغار.
وأفضل القصص للأطفال الصغار قصص الحيوانات…والأدب العربي وآداب أخرى وعندما يكبر الطفل علينا أن ننتقل معه تدريجياً إلى قصص تدور حول العلاقات الإنسانيّة، ولكنّ دون أن نتعرّض إلى الإنسان وبراءته وسذاجته بصورة ساخرة وللآباء دور كبير في انتقاء هذه القصص والحكايات وأن يبتعدوا عمّا هو وحشي وعنيف.
وللصور أهمية كبيرة في تنمية خيال الطفل وتوسيع فكره والطفل حين يتفحّص الصور فيطرح الكثير من الأسئلة ويهتمّ بالتفصيلات والعلل ومن الضروري أن نجيب دائماً عن أسئلته بشكل يساعد على الفهم والاستيعاب باستخدام الأسلوب العلمي والطريقة المناسبة وكلّما كانت الطريقة إلى عالم الأطفال أقرب كان الفهم لدى الأطفال أوسع.
تهتمّ تربية العائلة للطفل من الناحية الثقافية بصورة غير مقصودة غالباً وذلك باطّلاع الطفل على ما في البيئة من حيوانات فيكتسب مفاهيم مختلفة بناها ذاتياً.
وبعد ذلك يأتي دور المدرسة في إتمام هذه الناحية وتوجيهها وتسعى المدرسة إلى تحقيق التربية العقلية لطلابها عن طريق المواد الدراسية المختلفة والنشاطات المتعددة وللمعلم دور أساسي في هذه عملية نقل المعرفة لأنه غالباً ما يكون القدوة والوسيلة لاكتساب تلك المعرفة ثم يأتي دور الإداريين في تشكيل مفاهيم كالتنظيم وزرع قيم كالنظافة والتعاون أما من الناحية النفسية فيجب على المرشد النفسي الاهتمام بطبيعة الطفل وميوله ومحاولة تنمية مهاراته وهواياته وإذا اهتمت المدرسة والأسرة ستصبح المعرفة عندئذ إرادة تقدم ورقي للفرد والمجتمع.