منيرة بالوش |
عسعس ليل سبت البارحة على أهل دوما، وتنفس الصبح فيها، لكن 100 شخص تنفسوا هواء الموت فصاروا شهداء، و1000 منهم أُصيب باختناق.
ما تنشقه أهل دوما هو نفسه ما تنشقه أهل خان شيخون قبل عام، إنه غاز السارين والكلور، اللذان يعدان من أخطر الغازات الكيماوية التي على أساسها تم تحريمها حسب اتفاقيات دولية عندما تم استخدامها لأول من قبل ألمانيا في الحرب العالمية الثانية.
النظام السوري ألقاها غير مبالٍ بالاتفاقيات الدولية مستبيحاً منظومة التشريع الدولي، التي لم تعبأ بما حدث، سوى أنها عبرت بقلق يزول بحبة (بندول) واحدة بمرور التغطية الإعلامية التي لن يتجاوز تفاعلها يوماً واحداً!
المشهد بالنسبة إلى السوريين بات معروفاً ومتوقعاً، فبعد الحصار والقصف وسياسة الأرض المحروقة تأتي مرحلة الكيماوي لتحسم الأمر، كما يحدث حاليا في مدينة دوما.
المتحدثة باسم وزارة الخارجية “هيذر ناورت في بيان قالت: “هذه التقارير مروعة وتتطلب رداً فورياً من المجتمع الدولي إذا تأكدت!”
هذا يعني أن الأمر ليس مؤكداً بعدُ، وإلى أن يتم التحقيق بشأن مصداقيته يكون القلق زائلا والأعصاب هادئة، والجريمة مرت مرور الكرام.
يذكر أن هذه ليست أول مرة يستخدم النظام السوري السلاح الكيماوي في حربه ضد المدنيين، فقد سُجِّل أول استخدام له في آب 2013 على مدينة دوما أيضا أدَّى إلى مقتل 1400 شخص.
أثارت حينها الضربة مواقف دولية عديدة أدت إلى تسليم ترسانة الأسلحة الكيماوية للمنظمة الدولية لإتلافها، لكن ذلك لم يكن ليردع النظام السوري عن تكرار التجربة في الرابع من نسيان العام الماضي حيث ألقت الطائرات براميلاً محملة بمواد كيماوية على منطقة خان شيخون في محافظة إدلب التي تعيش مرور عام على مأساتها أدت إلى اختناق وتسمم الكثير من الضحايا.
وكعادة الإعلام الرسمي الناطق باسم النظام، وعبر وسائله المختلفة، يشكك بمصداقية الحدث ويكذبه كعادته في تبرير جرائمه، فالأطفال لم يبدوا أي خوف أو دهشة، حسب زعمه، ومايخرج من فمهم ليس زبد الموت، إنما هذه تمثيلية متقنة من أهل المدينة حتى يستعطفوا العالم ويحركوه ضد الدولة السورية بعدما أوشكت القضاء على الإرهابين.
وقاحة في التعامل مع القضية، واستخفاف بعقول الناس، وشماتة مكسوَّة بالحقد تظهر جلياً في تعليقات الموالين وفي صفحاتهم وعلى لسان من يتحدث منهم، كأنما الإنسانية نزعت من قلوبهم فأصبحوا كالأنعام بل هم أضل سبيلا.
كم من المرات يجب أن نموت حتى يستيقظ الضمير العالمي، وينهي هذه الجرائم طالما أن عُقَد الربط والحل بين أصابعه بعدما أصبحت القضية السورية شأناً دولياً خالصاً لا دور للسوريين فيه سوى الموت بنكهات شتى؟!