بقلم : إسماعيل المطيردي ميستورا .. الاسم الذي يدور الحديث حول مهمته ، وتحوم الشكوك الكبيرة عن سبب بعثته إلى سورية، يبدو أنه لم يعد يخجل من إظهار حقيقة ما جاء لأجله، فبعد حضوره أحد احتفالات المجوس في دمشق، خرج ليعلن على الملأ أنَّ بشار الأسد جزء من الحل في سورية، ليظهر أن جلَّ غايته تلميع صورة الأبله ونظامه الفاشي، متجاهلا كمَّ ونوع المجازر التي ارتكبتها قطعان حيواناته المسعورة.كانت الخطة تهدف بظاهرها إلى تجميد القتال في سورية بدءًا من مدينة حلب، بغية الوصول إلى حلٍّ سياسي يتكفل بإنهاء “الحرب” في المنطقة، ولكن شكل خطته ما لبث أن ظهر على حقيقته أمام الشعب السوري، الذي أدرك أن الهدف منها هو تجميد القتال في حلب وحدها، ومنح النظام فرصة ليلتقط أنفاسه ويركز قواه على باقي الجبهات المشتعلة في سورية، ولاسيما جبهات درعا والقلمون، لذلك فقد رفض الثوار الخطة منذ البداية.اللافت في الأمر أن نظام الأسد رفض خطة دي ميستورا في مرحلتها الأولى، لظنه أن الثوار سيقبلون بها، في الوقت الذي تستمر فيه قواته بالتقدم بسهولة لتضرب الطوق على حلب، مجبرة الثوار على انتظار سيناريو حمص) هذا إذا قبل النظام بذلك أصلا( وبذلك يتمكن النظام من وأد الثورة في شمال سورية، ليسير بعد ذلك بخطًا ثابتة ويحرق سورية عن بكرة أبيها.خطة دي ميستورا هذه أعيد تصنيعها من جديد خلال الأيام الماضية، فقد أعلن المبعوث أن نظام الأسد وافق على تنفيذ تجميد القتال في حلب، وتم دعم ذلك الإعلان بتصريحات النظام حول إيقاف قصف المدينة مدة ستة أسابيع، كخدعة في محاولة لإظهار حسن النية، ضمن إطار تطبيق خطة دي ميستورا، ولكن دون تحديد موعد لبدء التنفيذ، والواضح أن تلك التصريحات لا تعدو كونها مراوغات إعلامية فحسب.وأن موافقة النظام على الخطة جاءت بعد إعداده عملية عسكرية كبيرة -تهدف إلى حصار حلب-، توقع نجاحها الساحق قبل البدء بتنفيذ الخطة “إعلاميًا”، وما على النظام عند ذلك إلا أن يسحب كرسيًا ويلف ساقًا على ساق، منتظرًا خرق الثوار للخطة، ليهرع إلى الأمم المتحدة مطالبًا بوضع حد “للإرهابيين” الذين لم يحترموا القرارات الدولية ولن يحترموها يومًا.لم تنجح الخطة التي رسمها دي ميستورا و أبله سورية، فقد تجرعت قوات النظام موتا زؤاما في معارك ريف حلب الشمالي، ولكن النظام لن يسكت على هذه الهزيمة وسوف يحاول جاهدا تحقيق غايته في حصار حلب، وربما تؤجل خطة دي ميستورا ريثما تعدل لتناسب المرحلة القادمة في انتظار وضوح الصورة التي ستؤول معارك ريف حلب الشمالي.لذلك لا بد للثوار من تغيير استراتيجيتهم من الدفاع إلى الهجوم، بعد ارتفاع معنوياتهم بعد انتصاراتهم الأخيرة، وإلا فلن تسير الأمور على ما يرام مع تكالب المجتمع الدولي على الثورة، ومحاولته غسل صورة بشار الأسد الدموية تمهيدا لإعادة تأهيله لمتابعة حكمه البربري لسورية.علينا أن نتذكر دوما المقولة الرائعة :”من ينجز نصف ثورة كمن يحفر قبره بيديه”، ولتمض قافلة الثورة بثبات إلى النصر، ولتنبح الكلاب كما تشاء.