مرت أربعة أسابيع على الهجوم الكيميائي المحدود في كاتدرائية مدينة سالسبري، وماتزال المعلومات قليلة ولا يزال سكان المدينة غير متأكدين إن كانت الأعراض الشبيهة بالإنفلونزا قد تشير الى إصابتهم بتسمم نوفيتشوك، وفي الوقت نفسه ماتزال المعلومات التفصيلية عن استهداف المشافي في سورية على مدى العامين الماضيين من قبل الطيران الروسي والسوري بالصواريخ والقذائف تُقابل باللامبالاة.
ويشمل هذا اختراق حاسوب الطبيب البريطاني الاستشاري ديفيد نوت عندما أشرف على إجراء عملية جراحية ليساعد أطباء سوريين على إجراء العملية عبر الإنترنت، ويعتقد أن جهة ذات إمكانيات معقدة جدا على الشبكة نفّذت الاختراق، مما أدى إلى تحديد مكان الملجأ بدقة ومن ثم قصفه بقنبلة خارقة للتحصينات استهدفت عين المكان الذي أجريت فيه العملية.
وهذا ليس حادثا منعزلا، فمنذ أن أخرجنا 29 طفلا مريضا حالتهم حرجة من الغوطة في كانون الأول عام 2016 كانت أربعة من أصل ثمانية مشافي إغاثية في الغوطة قد دُمِّرَت تماما. ويبدو قرار الأمم المتحدة بإعطاء إحداثيات المشافي في مناطق الثوار لروسيا غريبا، ربما تأمل الأمم المتحدة أن يكون النظام السوري وروسيا قد وجدا أخيرا بوصلتهما الأخلاقية.
المجتمع الدولي بمن فيه بريطانيا والولايات المتحدة فشلوا بالرد بشكل صارم، إنها الحقيقة فلم تحظى معاناة ملايين السوريين إلا بالقليل جدا من التفاعل في المجتمع البريطاني، لكن هذا يغذي بقوة إرهابيي داعش الذين بكل تأكيد يستهدفون الشوارع البريطانية مرة بعد مرة إن لم تجفف منابعهم.
هجوم سالسبري ربما يكون خطأَ كبيراً من الكرملين، الذي خسر قدرا كبيرا من آلته الاستخباراتية لجمع المعلومات في أوروبا، لكن من المستبعد أن يعترف بذلك، إذ يبدو أنها عملية اغتيال أجريت على نحو سيء للغاية، فربما يكون نجم صاعد مندفع في المخابرات الروسية، في محاولة منه اجتذاب إعجاب القائد الأعلى، قد قدم سر أسلحة الدمار الشامل الروسية على طبق من فضة للجيوش الغربية، وأظهر روسيا على أنها قوة مخادعة لا يمكن الوثوق فيها، على فرض أننا لم نكن نعلم هذا.
ليس هذا وقت القرارات أو ردود الفعل المتسرعة، فآخر شيء نحتاجه هو حرب باردة جديدة، رئيسة الوزراء وأصدقائها في مجلس الأمن وخصوصا من بلدان الناتو، يجب أن يكونوا حازمين في حلولهم، فالناتو يبالغ كثيرا في قدرات روسيا في الأسلحة التقليدية وحتى النووية.
ومع ذلك يجب على المجتمع الدولي أن يعمل بوتيرة مدروسة ومحددة تحت مظلة منظمة التحقيق في إنتاج السلاح الكيميائي، فبوتين ينكر استخدامه.
ونحن نتحمل جزءاً كبيرا من المسؤولية في هجوم غاز الأعصاب هذا، فالخطوط الحمراء حول استخدام هذه الأسلحة جاءت وذهبت في سورية، وتهديدات مباشرة باستهداف منشآت الأسلحة الكيميائية في سورية لم تنفّذ رغم الأدلة الدامغة، كما أننا جميعا جلسنا متفرجين نرى مئات المشافي تُدمّر، سياسة الإنكار التي يتبعها الغرب مريحة، لكنه مساعد فاسد للقادة الغربيين.
وبهذا النوع من الازدواجية إزاء هذه الجرائم ضد الإنسانية، أتوقع أن يكون الروس قد تفاجأوا بعض الشيء بردة فعلنا الأخيرة، لدرجة أننا نشعر بالقلق الشديد إزاء هذا الاغتيال السري من حيث “الرتبة والملف”، وهذا أمر شائع جدا خلال الحرب الباردة.
إنه الوقت لحل قوي، السيدة ماي وزملائها في الأمم المتحدة: يجب أن تضعوا حدّا لاستخدام السلاح الكيميائي لتمنعوا الحرب الباردة، وإن كان لديكم وقت فراغ أرجوكم هلا فعلتم شيئا إزاء الاستهداف المباشر للمشافي في سورية وأي مكان آخر؟
اسم الكاتب: الطبيب ديفيد نوت، وهاميش دي بريتون.
الصحيفة: ديلي تلغراف البريطانية الصادرة في لندن.
رابط المقال الأصلي: