فراس مصري |
– وبعد أن تمت مقايضة أجزاء من أراضي سوق الإنتاج الصناعي والزراعي (الموزعة بين الأوقاف وبين مجلس المدينة) في حي المحافظة في حلب بين مجلس مدينة حلب ومديرية الأوقاف التي أظهرت فيها الأخيرة آنذاك مفاوضات شرسة لتحصل على أراضٍ بديلة في الأطراف لكن بمساحات أكبر بحيث يبقى حق الوقف مصانًا للمستقبل، تمت عملية التبادل بنجاح، وصارت كامل مساحة (سوق الإنتاج) ملكية لمجلس المدينة.
وتمت دراسة توظيف هذه الأرض المهمة التي تعد (جوهرة) من جواهر أملاك مجلس مدينة حلب من الأراضي، وكان القرار إنشاء (مدينة سياحية فنادق، ومدينة مائية، ومطاعم)؛ لتكون منشأة سياحية جاذبة للسياحة في المدينة، وتلزيم المشروع لمستثمر على نظام الـ BOT.
وكنت عضوًا في اللجنة العامة لفض العروض للمشروع، وهي الجنة التي تلي عمل اللجنة الفنية، ويكون من عملها فتح العروض المالية المُقدَّمة من المستثمرين، وقد شارك في العروض عدة عارضين أذكر منهم (ع / ك) و (ب / ي) وآخرين، ووفق نظام الـ BOT يوجد رقم سري كحد أدنى يلتزم المستثمر بدفعه لمجلس المدينة سنويًا مضافًا إليه نسبة مئوية من الأرباح (إن زادت الأرباح عن هذا المبلغ)، وفي حال لم يصل أي عارض للسعر السري يطلب من العارضين التشاور لمدة ساعة زمنية لرفع عرضهم لعله يصل السعر السري، ثم تتم المفاضلة للسعر الأفضل، وفعلاً يومها كان السعر السري بين 60 إلى 65 مليون سنويًا، لا أذكر بالضبط، وهو سعر منطقي ويحقق لمجلس المدينة أرباحًا جيدة، لكن أحد المستثمرين لم يصل هذا السعر، فطلب منهم أن يراجعوا مؤسساتهم، وفي هذه الحالة لا يجوز أن يخرج أي عضو لجنة من الغرفة؛ لأنهم قد اطلعوا على السعر السري المُقدَّم لهم بظرف مختوم، في هذه الاستراحة شاهدت أحد أعضاء اللجنة يستخدم هاتفه المنقول تحت الطاولة ويرسل رسالة، فعلمت ما يفعل والتزمت الصمت، ليعود العارضون بعد ساعة ويقدموا أسعارهم مرة أخرى، وهنا كانت المفاجأة الكبرى! أحد المستثمرين العارضين (ع / ك) كان سعره قرابة 57 مليون في المرة الأولى، فرفعه إلى 130 أو 180 مليون لا أذكر الرقم بالضبط، لكننا ظننا أنه سيقدم لمجلس المدينة كل يوم استثمار 500000 ليرة سورية! وهو رقم غير واقعي ألبتة؛ لأن هذا المبلغ سيخرج بعد مصاريفه وأرباحه، وكيف لشخص درس جدواه الاقتصادية على 57 مليون أن يرفع سعره ثلاثة أضعاف السعر خلاف أي منطق؟!
القصة يا أصدقائي أن المرسل (حمار) والمُستقبِل (أحمق)، فقد أرسل له فاسد اللجنة رقمًا خاطئًا بالرسالة النصية، فما كان من الأحمق إلا أن يرفع السعر بشكل خيالي.
والنتيجة المحزنة لفساد وحمق، كانت إرساء العرض على المستثمر (ع / ك)، لكنه بعد ذلك أصبح يماطل ويتهرب من الالتزام بالعقد، وأظن أن الأمور انتهت إلى خسر تأميناته وغادر المشروع وضاع على مجلس المدينة عائد مالي ضخم، ولا أعلم ما الذي حصل بأرض سوق الإنتاج، فالمشروع مضى عليه 10 سنوات، ولو قدر له الإنجاز لدرَّ على المجلس مبالغ ستنفق في خدمة المدينة.
– أحد مشاريع الحلم (داون تاون أو سوليدر حلب) كما كان يطلق عليه، وهو مشروع كان سيقوم على أنقاض كتل شوهت وسط المدينة القديمة في حلب وهي ما كان يسمى مشروع (باب الفرج) في شارع عبد المنعم رياض (السبع بحرات) نعم لقد كان مشروعًا حلمًا سيغير الوجه السياحي والتجاري لمدينة حلب.
وبعد تنهيدة طويلة حزينة، تنبهت إلى أنني وصلت إلى 500 كلمة في المقال! ولأنني ألتزم أوامر (صحيفة حبر) فسنتابع في الأسبوع القادم مصير المشروع الحلم وغيره، ونتعرف بإيجاز على نظام الـ BOT.
حياكم الله