فراس مصري |
عليّ التنويه في بداية هذه الحلقة إلى أنني أنقل ذاكرة تجربتي بحلوها ومرها نقلاً شفافًا، ولا أتحرى البحث عن السلبيات والإدانات فقط، بل أنقل أيضًا محاولات جادة للنهوض بالمدينة في طياتها مبادرات إيجابية واجهت عقبات وصعوبات ومقاومة من الفاسدين، وأركز على شعاع نور حاول اختراق الظلام فنجح جزئيًا مرات وفشل مرات كثيرة، وأن المجتمع السوري قبل الثورة يشبه جدًا المجتمع السوري بعد الثورة، فيه الصالح والمتقن والأمين، وفيه الفاسد والمهمل والخائن.
أيضًا أنوه إلى أنني لا أحكي الحكايا والقصص فقط، بل سأعرج على معلومات مفيدة منها معلومات فنية وتقنية، ومنها قانونية ومنها سياسية.
وبالعودة إلى عام 2003 وقد أصبحت عضوًا في (مجلس مدينة حلب) عن المستقلين، وصادفت تلك الفترة التركيز من قبل أجهزة الدولة على التطوير والتحديث، وبالتالي كان اختيار رئيس مجلس المدينة مبنيًا على هذا الأساس، مع العلم أن رئيس المجلس آنذاك يتم تعيينه من قبل رئيس الجمهورية من بين الخمسين المنتخبين، أي أنه لا يُنتخب من قبل الشعب ولا الخمسين المنتخبين، بل يعين تعيينًا شريطة أن يكون منهم.
تركيبة المجلس الأساسية هي رئيس معين لأربع سنوات، ونائب رئيس منتخب من الخمسين يجدد انتخابه سنويًا، ومكتب تنفيذي مدة ولايته سنتين، وأربع لجان دائمة منتخبَة مدة عملها أربع سنوات هي (لجنة الخدمات، ولجنة المرافق، ولجنة الموازنة، ولجنة الثقافة والسياحة والآثار)، إضافة إلى لجان مؤقتة يعينها رئيس المجلس مثل (اللجنة التخطيطية).
رئيس مجلس المدينة دكتور في تخطيط المدن من باريس، يتقن الإنكليزية والفرنسية، أستاذ جامعي، مستشار سابق لدىGTZ في مشروع المدينة القديمة.
خطته الرئيسة هي الابتعاد عن إدارة الأزمات التي اعتادت عليها الإدارات السابقة، أي حل المشاكل اليومية والعمل البيروقراطي والارتجالي، واعتماد أسلوب ما يسمى (التخطيط الموجه بالأهداف)، فكان عمله الأول الدعوة لجلسة استثنائية في شهر آب 2003، أي بعد تشكيل المجلس بشهر واحد، وكان جدول الأعمال هو عقد ورشة عمل بعنوان (التخطيط الموجه بالأهداف لرسم خطة عمل مجلس المدينة للسنوات الأربعة القادمة).
المدعوون لهذه الورشة كانوا أعضاء مجلس المدينة الخمسين، والمديرين الفنيين في مجلس المدينة بحدود خمسة عشر مديراً، وبعض مديري الدوائر الخدمية (كالمياه، والكهرباء، والسياحة…).
خرجت الورشة في يومها الخامس بخمسة عشر محورًا للعمل تم توزيعها للإشراف على تنفيذها على أعضاء المكتب التنفيذي واللجان الدائمة آنفة الذكر.
شملت خطة عمل السنوات الأربعة ضمن محاورها الـ 15 المواضيعَ التالية:
- إعادة هيكلة النظام الإداري.
- تنمية الموارد المالية وترشيد الإنفاق.
- تحسين الواقع البيئي وواقع النظافة والمساحات الخضراء.
- وضع أسس التنمية السياحية وتنفيذها.
- الارتقاء بمستوى الخدمات العامة وتجميل المنظر العام للمدينة.
- الحد من انتشار المخالفات وإيجاد الحلول البديلة.
- تطوير عملية التخطيط العمراني وربطها بآليات التنفيذ.
- تحسين الواقع المروري.
- رفع جاهزية المدينة لمواجهة الكوارث.
- تنمية الموارد البشرية وتأهيلها.
وسنتطرق لاحقًا للأمور التي تم تنفيذها جزئيًا أو كليًا، والمعوقات التي وُضِعت لعرقلة تنفيذ هذه المحاور من خلال الحديث عن تبسيط إجراءات الترخيص ومشاريع الـ BOT ، والمخطط التنظيمي وتجميل المدينة، وحملات التوعية وخدمات الأحياء الشعبية، وتعهيد جزء من النظافة للقطاع الخاص، والهيكلة باتجاه اللامركزية، والعمل الثقافي والمجتمعي، والعلاقات الدولية.
حياكم الله..