عبد الملك قرة محمد |
عفرين، المدينة التي تحررت من المليشيات الانفصالية، وشهدت الكثير من المشكلات بعد تحريرها، لا سيَّما السرقات وتصرف بعض العسكريين بطرق غير لائقة مع المدنيين من سكان المدينة، بالإضافة إلى فشل مجلسها الأول بإنجاز المهام المُوكلة إليه، ممَّا أدى إلى تغييره وانتخاب مجلس محلي جديد كان برئاسة المهندس (سعيد سليمان) الذي نحاوره في هذا اللقاء، ومنذ ذلك الوقت بدأت الأمور بالتحسن بحسب معظم الجهات العاملة في عفرين وبحسب الأهالي أيضًا.
يسرنا في البداية أن نرحب بك معنا في صحيفة حبر أستاذ سعيد، لو بدأنا بالحديث عن الوضع العام في المدينة الواقع الخدمي والأمني، ماهي أهم الأمور التي أنجزت في هذا المجال؟
“منذ تأسيس المجلس المحلي حتى اليوم نحاول أن نقدم الخدمات الأساسية للناس بعفرين والقرى الأخرى من خلال المجلس، وأهم هذه الخدمات الكهرباء والماء والنظافة والصحة، وشهد قطاع الخدمات إنجازات عدة منها مشاريع النظافة التي بدت واضحة من خلال نظافة شوارع عفرين، أما بالنسبة إلى المياه فقد سعينا إلى صيانة محطة (ميدانكي) وقمنا بتشغيلها مدة ثلاثة أشهر، واجهتنا بعض المشكلات لكن سنتداركها بعد توصيل خطوط الكهرباء المقدمة من الأخوة الأتراك، بحيث نستطيع أن نقدم خدمات أكبر بما يخص المياه والإنارة والطاقة والمجال الصناعي.
بالانتقال إلى الجانب القانوني، قمنا بافتتاح مكتب النفوس، ومكتب إصدار البطاقات التعريفية، وتجديد شهادات القيادة وما يتعلق بالعقارات وغيرها، ما يساعد على أن يُتم الناس أعمالهم بشكل اعتيادي”
لو نُركز على الجانب الأمني قليلاً، هل تم ضبط العسكريين ولم نعد نشاهد في عفرين تجاوزات بحق المدنيين؟
“تم تخريج 8 دورات من الشرطة بتعداد 4 آلاف عنصر لتأمين حماية كل المؤسسات والطرقات، والأمور جيدة جداً وفي تحسن مستمر، والوضع الأمني في عفرين مستقر لكن لا ننكر وجود حالات غير قانونية بسبب وجود خلايا أو بقايا من الأحزاب الإرهابية يتم التعامل معها بشكل دائم، ومن يعيش في عفرين يُلاحظ أن الأمور الأمنية مضبوطة وتتجه للأفضل”
يُعدُّ المجلس المحلي في عفرين أعلى سلطة إدارية حالياً، فما هي طبيعة علاقتكم بالحكومة السورية المؤقتة؟ وهل صحيح أن مجلسكم يتبع بعمله بشكل مباشر مجلسَ ولاية هاتاي التركية؟
“تربطنا علاقة قانونية رسمية مع الحكومة المؤقتة فنحن نعمل تحت مظلتها، لكن كل الإجراءات تتم بالتنسيق مع الحكومة التركية المساعدة للشعب السوري.”
السيد سعيد، عفرين مدينة محورية في الريف الشمالي، ما طبيعة علاقتكم مع المجالس الأخرى في ترسيخ مبادئ العمل المدني القائم على التعاون؟
“هناك تنسيق عالٍ مع المجالس السبعة الموجودة في منطقة غصن الزيتون من خلال الغرف المشتركة، كغرفة الصناعة والزراعة، وهناك تعامل مرن مع كل المجالس العاملة في المنطقة.”
عفرين ربما تشهد نهضة اقتصادية اليوم خاصة بعد زيارة وفود رجال أعمال أتراك، فما طبيعة هذه الزيارة؟ وما هدفها والآمال الاقتصادية المعقودة عليها؟
” يعمل المجلس على رفع اقتصاد المنطقة من خلال تحريك عمليات التجارة وإقامة المشاريع التي تهدف إلى تشغيل اليد العاملة، ومن أهم ما قمنا به تأسيس غرفة الصناعة والتجارة التي يُشرف عليها الأستاذ (عبد الناصر حسو) ونسعى إلى تقديم ميزات جيدة لرؤوس الأموال والصناعيين من خلال تسهيل حركة تصدير المواد واستيرادها، وهذا أدى إلى حركة اقتصادية وجذب التجار للتسجيل في الغرفة.
وقامت الغرف الموزاية لغرفة التجارة الموجودة في هاتاي بزيارات عدة للاطلاع على سير العمل، ونحن الآن بصدد توقيع اتفاقية توءمة مع غرفة التجارة في هاتاي من أجل تسهيل المعاملات القانونية للتجار المسجلين في غرفة التجارة، وهناك ميزات عديدة ستكون مفاجأة وسنكشف عنها قريباً”
لو انتقلنا للحديث عن الجانب التعليمي، ما هو دور المجلس في هذا الجانب؟ وماهي التحديات التي تواجهكم في توفير جوٍّ تعليمي مناسب للطلاب والمعلمين؟ وما خطواتكم المستقبلية لتوفير معاهد ومؤسسات تعليم عالٍ لأبناء عفرين؟ ولماذا لم يتم افتتاح فروع للجامعات في عفرين كما في جرابلس على سبيل المثال؟
“تم افتتاح وترميم وتجهيز 240 مدرسة على مستوى منطقة غصن الزيتون، وبالنسبة إلى التحديات فقد واجهتنا مشكلة التعامل مع الأطفال الذين تم إعطاؤهم منهاجًا مختلفًا عن المنهاج السوري وباللغة الكردية فقط، مما سبب أزمة في المنطقة إضافة إلى التسرب، فهناك أعداد جيدة من الطلبة الذين لم يستطيعوا الالتحاق بالمدارس نتيجة التهجير، والتحدي الثالث هو توفير الكوادر، وهذا ما نعمل عليه من خلال الورشات والدورات والمشاريع التي تهدف إلى تزويد الكوادر بكافة الخبرات والمهارات.”
أما بالنسبة إلى التعليم العالي، فنهدف الآن إلى افتتاح فرع لجامعة تركية معترف بها، أما بالنسبة إلى المعاهد فنحن رفضنا افتتاح معاهد بسبب طبيعة المنطقة وقطعنا خطوات كبيرة من خلال دورة اليوز، وامتحانها كان بإشراف جامعة غازي عنتاب وتقدم لامتحان اليوز 700 طالب، ونسبة النجاح كانت كبيرة مما يؤهلهم للمفاضلة على كليات الجامعات التركية.”
بالانتقال إلى مسألة النازحين، لاحظنا أن عفرين أصبحت وجهة مقصودة لأغلب النازحين القادمين من ريف حماة وإدلب. كيف ترى العلاقة بين النازحين وسكان المدينة، خاصة بعد القطيعة التي خلفتها المليشيات الانفصالية بين الأكراد والعرب؟
” منذ عام إلى اليوم كان هناك توتر بين علاقة النازحين والأهالي، لكن بعد احتكاك الثقافات تبدلت الأمور واتجهت نحو التعاون، وشهدنا حالات زواج ولم نلاحظ إلا حالات خاطئة بسيطة؛ وذلك التلاؤم مرده إلى وعي الأطراف والمعاناة المشتركة بينهم، وأكبر مثال على ذلك هو المجلس نفسه الذي يضم أشخاصاً من كل مناطق سورية دون أي تمييز”
في رمضان قمتم بعدة مشاريع معظمها إغاثية غذائية، لو تحدثنا عنها وعن القائمين عليها؟ وهل كانت تُلبي الحاجة المجتمعية؟ وماذا عن الأسعار في شهر رمضان؟ هل كان هناك أي رقابة عليها منعاً لاحتكارها أو رفع أسعارها؟
” قمنا بعدة مشاريع منها الوجبات الإغاثية التي تتم بالتنسيق مع كل المهجرين دون أي تمييز أو سوء توزيع لتفادي خلق الحساسية بين المستفيدين، أما بالنسبة إلى الأسعار فلم نلحظ أي ارتفاع فيها برمضان، عدا ارتفاع بسيط بمادة الأرز، لكن أسعار الخبز مثلاً لم تتغير، ومانزال نعمل على موضوع التموين لمواجهة أي احتكار للمواد الغذائية.”
في نهاية حوارنا مع الأستاذ (سعيد سليمان) رئيس المجلي المحلي لمدينة عفرين السورية نتقدم إليه بالشكر الجزيل على هذه الإجابات والوقت الذي منحنا إياه، ونتمنى للمجلس مزيداً من العمل المُوفَّق لتحقيق الغايات المرجوة وتوفير الخدمات لأبناء المنطقة.