لم تغب المرأة عن الأحداث الجسام التي تمرُّ بها الثورة السورية، فكانت حاضرة ما وجد الحدث عبر تنظيم حملات استجابة كان آخرها ما نظمته مؤسسات دعم المرأة في إدلب إبَّان استقبال أهالي الغوطة الشرقية.
رابطة المرأة المتعلمة في مدينة إدلب إحدى هذه المؤسسات النسائية التي استنفرت كوادرها وتفاعلت مع الحدث، وتعاونت مع باقي المنظمات لتنسيق العمل وتوحيد الجهود لتحقيق أكبر استفادة.
صحيفة حبر التقت مع مسؤولة الرابطة (أم وديع) التي عبرت لنا عن تفاعل نساء الرابطة مع نساء الغوطة عندما كانوا محاصرين وعندما وصلوا الشمال السوري، تقول: “كنا في رابطة المرأة نتابع ما يجري لأهلنا في الغوطة بألم الأمِّ التي ربَّت وتعبت على أطفالها حتى كبروا، كنَّا نستشعر ألم كل أمٍّ في الغوطة لعجزها حيال إنقاذ طفلها الذي يموت أمام عينيها جراء تنفس غاز سام، أو سوء تغذية نتيجة الحصار وفقدان الأغذية، أو من قصف طيران طال حتى الملاجئ التي لجؤوا إليها.
عندما تم التوصل إلى اتفاق يقضي بخروجهم إلى الشمال، بدأنا في مركز الرابطة بالتحضيرات اللازمة لاستقبالهم، انطلاقاً من واجبنا تجاه أهلنا، ولأننا نحن النساء موجودون في مجتمعنا حيث وُجد الحدث، فنحن أعلم بمتطلبات المرأة وما تحتاجه.”
وعند سؤالنا أم وديع عما قامت به مجموعة رابطة المرأة المتعلمة في حملة الاستجابة، قالت: “قمنا بتجهيز مجموعة من المتطوعات في الرابطة انضم إليها نساء أخريات من المجتمع، وقمنا بالتنسيق مع المنظمات التي أعلنت عن حملات استجابة سريعة، وقسمنا العمل إلى قسمين: الأول عند نقطة وصول أهلنا في قلعة المضيق، حيث قدم فريقنا النسائي هناك بالتعاون مع المنظمات الاحتياجات الأولية من ماء ووجبات طعام سريعة، وفواكه، أما الفريق الآخر فقام بتجهيز مركز السكن الشبابي الجامعي في مدينة إدلب، فتم تنظيم الأماكن وتأمين الاحتياجات من مأوى وغذاء وخدمة إنترنت، وذلك بالتعاون مع منظمات العمل الإنساني الموجودة.”
أماني إحدى المتطوعات في رابطة المرأة المتعلمة تقول: “العنصر النسائي حاجة أساسية للعمل في أرض الميدان وهو أدرى بشؤون النساء الوافدات، لقد قدمنا ما بوسعنا لحظة وصول الأهالي إلى نقطة الصفر ، وقمنا بإجراء استبانات ومسح احتياجات المهجرين الذين اتخذوا من جوامع المدينة مأوى لهم.”
(أم مجد) وافدة من الغوطة الشرقية تروي لصحيفة حبر: “يعزُّ عليَّ فراق الغوطة، ففيها استشهد زوجي وفي تربتها التي رويت بدماء الشهداء دفن، لكن ما استخدمه النظام من قصف وتجويع وحصار اجبرنا كخيار أخير على الخروج.
ما رأيناه حال وصول من تفاعل الناس أنسانا شيئا من همنا، خاصة دور النساء عند استقبالنا والحديث معنا وتقديم ما يلزم. “
هكذا هي المرأة السورية حاضرة في كل الميادين، فما أصاب نساء الغوطة أثناء محنتهم من حرقة وألم، تردد صداه لدى نساء إدلب، فترجم الألم عملاً واستجابة لتخفيف ما أمكن من معاناة سنين جثمت على قلوب الأمهات اللواتي فضلنَ الموت على أن يرينَ أفلاذ أكبادهنَّ يحتضرون أمام أعينهنَّ وسط عجز تام عن فعل أي شيء.