سلوى عبد الرحمن |
تكثر المشاريع الخيرية في رمضان سواء كانت في تقديم المساعدات والصدقات للآخرين أم في البرامج الدينية الرمضانية التي تدعو إلى الإصلاح في معظمها، وتنقية النفوس وتقويم السلوك وتهذيب النفس والدعوة للتسامح والتكافل خلال الشهر الفضيل.
“ردُّ المظالم” مشروع لدعوة الناس عامة، وحثِّهم على القيام بطواعية منهم لتحقيق الشرط الرابع من شروط التوبة وهو ردُّ (الحقوق المادية) إلى أصحابها والتحلل منها قبل حلول الأجل.
أطلقت المشروع الصيدلانية (نادية عز الدين) في مدينة إدلب بمشاركة عدد من الأشخاص معظمهم من النساء بهدف تشجيع الناس عامة على التوبة إلى الله بالاستغفار والندم والإقلاع عن الذنب وردّ الحقوق إلى أصحابها، وذلك عن طريق طرح رؤية المشروع في التجمعات والجوامع ووسائل التواصل الاجتماعي.
المشروع جديد من نوعه باعتباره بات ضرورة مُلحة في ظل زيادة انتشار الأعراف والتقاليد واللجوء إليها على حساب الأحكام الدينية في المجتمع السوري، خاصة قضايا الميراث التي تقوم على حرمان المرأة من بعض حقوقها فيه أو كله.
تقول (عز الدين): “لا يكفي أن يتوب السارق توبة صادقة عن سرقته، بل لا بد أن يُرجع المسروقات إلى أصحابها، ولا يخفى على أحد أن انتشار المظالم سبب استحقاقنا لعذاب الله لقوله تعالى: ” وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا ” يونس/13 وقوله: و” لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ ” إبراهيم/13
ولعل شهر رمضان المبارك فرصة كبيرة لجميع من ارتكب مظلمة بحق قريب أو صديق لردها إلى أصحابها.”
كما دعت “عز الدين” عبر محاضرات ألقتها في التجمعات والجوامع إلى نشر الوعي بين الناس من خلال التفرغ عشر دقائق لشرح عاقبة الظلم للآخرين على الفرد والمجتمع ودوره في تفكيك الروابط الإنسانية بين أفراده.
وتوضح الصيدلانية أن المشروع يُركز على المؤاخاة في شهر رمضان الكريم في ظل حركة النزوح الكبيرة، وعلى ضرورة إخراج الزكاة والصدقات وتوزيعها ضمن الدائرة الأضيق (الأهل والأقارب والجيران) وحتى نشر صور التكافل الاجتماعي ومواساة المحتاجين ولو من غير الزكاة.
كما يُركز على تعزيز قيم التعفف والعزة والعدل، والمقصود بالتعفف هو عدم سؤال الناس أموالهم لقوله تعالى: “يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ ” البقرة/273
إضافة إلى الدعوة لتوبة جماعية “وتوبوا إلى الله جميعًا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون” بشروطها الأربعة مع التركيز على شرط رد الحقوق لأصحابها.
عواقب الظلم
يؤكد المشروع على أن الظلم سبب في هلاك الأمم وتفكك العلاقات والروابط الإنسانية بين الأفراد والجماعات، ومسألة “النصر” متعلقة بالتوبة الخالصة من المظالم وخاصة المتعلقة بحقوق العباد.
إضاءات من المشروع
يروي عبد الله (اسم مستعار) من مدينة إدلب: “قبل أن يُتوفي والدي، نقل ملكية كل ما يملكه من أراض زراعية وأشجار زيتون، وهي غالبية تركته، على مبدأ العرف الشائع عند المزارعين في بلدنا بأن الأرض للذكور فقط، وطبعا لا يُفهم من هذا أن الوالد قد حرم ورثته الإناث من الميراث، على العكس تماما فهو قد أوصى لهنَّ بما يقابل حصتهنَّ ذهباً”
ويتابع عبد الله: “الآن وبعد وفاة الوالد، فإن الميراث مُسجل رسميًا في دائرة العقارات باسم الذكور فقط، ولكن بعد التشاور فيما بيننا نحن الإخوة الذكور، قررنا ردَّ حصة أخواتنا حسب الشريعة الإسلامية، علماً أن أخواتي لم يطالبننا بحصصهنَّ من الميراث، والتركة إلى الآن غير مقسومة بين الإخوة، وهي على الوضع الذي كانت عليه في حياة الوالد.” مُشيرًا إلى أن الأهم بين الإخوة التفاهم والتسامح وإرضاء الله.