المعتصم الخالدي |
يقولون إن الإمام الخميني بعد نجاح ثورته الإسلامية1979، كان شيخًا نزقًا وصعبًا للغاية، لدرجة أنه لم يكن يحب حليقي الذقن والشارب، ولا أصحاب التوجهات الاشتراكية، وأنه بالأخص لم يكن معجبًا بحافظ الأسد الدِكتاتور السوري آنذاك، ولا (بنبيه بري) متزعم حركة أمل في لبنان، وأنه لم يكن يحب الصخب ولا الأصوات العالية وهكذا دواليك.
مات المرشد وجاء مرشد جديد لإيران، وتعاقبت السنون والأزمات تعصف ببقايا ثورة الإمام ومدافعه، وبقايا سوداوية حاول مَن خلفه تجميلها بألوان بدت فاقعة ومكشوفة للناظرين، لكني لا أعرف إذا كان المرشد الثاني الخامنئي يحب الرسم أو يستهويه، إلا أنه من الواضح في الفترة الأخيرة قد عيَّن رسامًا خاصًا في مكتبه، ليرسم في كل مناسبة ما صورة أو رسمة جديدة، وتنشرها الحسابات الرسمية للمرشد على مواقع التواصل الاجتماعي.
وبعد التمحيص والتدقيق في الرسمات، اكتشفت بأن الشاب الرسام موهوب وصاحب نظرة سياسية وإستراتيجية عميقة، خاصة بعد لوحته التي سماها (سنصلي في القدس).
اقرأ أيضاً: بوتين يستعد لرحيل الأسد بهذه الخطوة ويحيى العريضي يبين رأيه
تلك اللوحة فيها دقة بالألوان وحرفية في رسم الشخوص وتصنيفهم أيضًا، ورضا تام من قبل المُرشد لطريقة الرسَّام في صف أصحاب الحروب بالوكالة، واتباع طهران أصحاب التوجهات الإيدلوجية المختلفة، إلا أنني أعتقد أن أحدهم قد انزعج لطريقة وضعه في مؤخرة الجمع الميمون، وهو المناضل والمكافح والبطل الذي حارب من أجل سمو القضية ورفعتها، ألم يكن الدكتور (بشار الأسد) أول من قال “لا” للهيمنة الأميركية، وقبِل بالأصدقاء الروس كبديل جيد ومقبول؟! ألم يكن أول من تحمل وزر العقوبات الغربية الظالمة وطبقها حرفيًا على شعبه؟! ألم يكن أول من (جاهد) في سبيل نشر مشروع إيران الشيطاني في المنطقة، وخسر بذلك مليارات الخليج الموعودة؟! ألم يتحمل مرارة أن يرى وجه (أسماء الأخرس) المُشرق على ضوء الشمعة بدلاً من لمبة (فيليبس الهولندية) وأن يستغني عن سيارات مرسيدس الألمانية التي يحبها، ويستبدلها (بسابا) الإيرانية المتواضعة؟! ألم يقتل مليون سوري من أجلك يا سماحة المرشد، وصنع داعش وغيرها من أجلك يا سماحة المرشد؟! إذًا لماذا كل هذا الإجحاف والإنكار؟! وهل يعقل أيها الشيخ الخرف أن تضع الدكتور (الأسد) خلف (اسماعيل هنية) وعدد من قيادات حركة الإخوان المسلمين في المنطقة، وهم الأعداء التاريخيين للرئيس الأسد وأبيه، وأنت تعرف ذلك تمام المعرفة؟!
وأن تصنف الصبي (عبد الملك الحوثي) الذي يمارس مراهقة سياسية في اليمن على أنه أفضل من الأسد، وتضع رئيس حزبًا كحسن نصرالله في المُقدمة وتؤخر رئيس الجمهورية إلى الوراء، وتُصدّر رئيس الحركة الشيعية في نيجيريا في الأمام رغم عدم معرفته من قِبل أحد في المنطقة إلا أنت وروحاني فقط؟! فلماذا كل هذا الجحود بحلفائك يا سماحة المرشد؟!
إلا أن العتب لا ينصب عليك، بل يوجه أيضًا إلى فخامة الدكتور الشاب الذي أعطاكم أكثر ممَّا تستحقون، وقدم لكم أكثر ممَّا تتمنون، وبقي لسنوات هو وطائفته يسبحون بحمدكم ويشكرون فضلكم، رغم فشلكم في إنقاذ الدكتور من براثن الثورة واضطرار الروسي للتدخل، وإنقاذ الدكتور وجماعته، إلا أنك يا سماحة المرشد ورسامك الفذ لا تقدرون حكمة الدكتور وتحترمونها، حكمته التي أبقتكم إلى الآن ولم يطردكم، وحكمته التي تجلت بنشر عشرات الميليشيات الشيعية التابعة لكم مباشرة، وقتل من قتل ودمَّر من دمَّر، من أجلكم ومن أجل عيون مشروعكم الذهبي في المنطقة وبقاء كرسيه كما هو.
وبالطبع سيادة الرئيس مجروح منكم لتعمدكم إهانته أمام الإعلام وأمام شعبه الذي يحبه، أنتم وحليفكم بوتين، لا تفوتون فرصة إلا وتقومون بإهانة فخامة الرئيس، وتحرجونه وتحرجون أنفسكم، والدكتور يجهل السبب الحقيقي لكل ذلك، إلا أن
جوهر قضيته هو طريق القدس ولا شيء غيره، ولذلك ترفَّع عن الرد عليكم ولو حتى ببيان يدين ويستنكر تلك الإهانات المتكررة.
ولأن الرئيس منهمك ومشغول للغاية في محاربة الفساد (كما عودنا طبعًا) وكان آخر ضحاياه الرفيق (رامي مخلوف)، وبعد أن ينتهي من تعبيد الطريق الفساد الجديد أمام السيدة الأولى وعائلتها الكريمة، سيكون له معكم كلام آخر يا آية النفاق.
وبالنسبة إلى الرسمة الجميلة يا سماحة المرشد، فيسرني أن أعلمكم بأنكم كحشد مافياوي كريم، لا تستطيعون القيام بطقوسكم الإجرامية إلا في مدن كدمشق وصنعاء وبيروت وبغداد، أما القدس فلأنكم كاذبون ودجالون، لم ولن تروها حتى في المنام.