وفقاً لتقرير أصدرته قناة الجزيرة فإن الدول العربية تخسر ما يقارب 25 % من إنتاجها خلال شهر رمضان المبارك، وهذا يعني أن الشهر الفضيل تحول إلى فترة راحة وخمول دون الاهتمام بأدنى الواجبات والمهام الوظيفية الملقاة على عاتق الموظفين ممن يضعون التعب الجسدي حجةً لضعف طاقتهم رغم كل معاني العطاء التي يحملها رمضان، فما هي الأسباب التي حولت رمضان من شهر للعمل إلى شهر للكسل؟
بدايةً لا بدَّ من الوقوف عند دور الإعلام في تشويه المعنى الأصيل لشهر رمضان، فللصائم، بحسب الإعلام، هَمَّان أولهما تأمين طعام الإفطار، والآخر محاولة قضاء أكبر وقت ممكن دون تعب خوفاً من الجوع والعطش ربما من خلال مشاهدة المسلسلات لأن رمضان موسمها أو بمشاهدة البرامج التي تهبط عاماً بعد آخر لا سيَّما في الإعلام السوري الذي ينافس هذا العام الإعلام المصري بالبرامج الدينية التي تقدمها فنانات استعراضيات!
لكن كيف يؤثر رمضان على العمل في مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني العاملة في المناطق المحررة؟
قد يكون هناك تأثير سلبي نتيجة تهاون بعض الموظفين والأسباب كثيرة منها:
– تذمر الموظفين من ساعات الدوام الطويلة خلال النهار، ورغبة الكثير منهم بأخذ الإجازات الساعية أو اليومية إما بسبب التعب أو للاهتمام بالجانب الروحي الذي يميز رمضان.
– معظم المنظمات تميل إلى إنهاء أعمالها قبل بداية رمضان وبذلك يكون فاصلاً للراحة بين المشروعات.
– إدمان مواقع التواصل الاجتماعي والسهر لساعات متأخرة جداً لأن معظم الشاشات التلفزيونية تميل إلى بثِّ برامجها المميزة بعد منتصف الليل وينتج عن ذلك تأخر عن الدوام الرسمي الذي يبدأ في معظم المؤسسات عند الثامنة صباحاً.
– غياب الرقابة الوظيفية وعدم تدقيق سجلات الدوام مراعاةً لحالة الموظفين ممَّا يؤدي إلى ازدياد ملحوظ في حالات الغياب الوظيفي.
وفي استطلاع رأي أجرته صحيفة حبر حول الأسباب التي تؤدي لانخفاض طاقة الموظف في رمضان واستهدفت به مئةً من كوادر منظمات المجتمع المدني العاملة في الداخل السوري كانت النتائج:
– 44% يرون أن سبب انخفاض الإنتاج هو الفهم الخاطئ لمعنى العمل والعطاء ضمن شهر رمضان، فهو شهر يدعو فيه الله عباده لمضاعفة العبادات والأعمال التي تقربهم إليه ومنها بالتأكيد إتقان العمل ومضاعفة الإنتاج.
– 35% أكدوا أن السبب الرئيس للضعف هو التعب الجسدي وتأثير الجوع والعطش، إذ يقول عبد الرحمن أحد العاملين في مجال التعليم: “وغالباً ما يكون هذا التعب ناتجاً عن تأثير الخوف من العطش لذلك فهو تعب نفسي أكثر من كونه جسدياً.”
– 21% قالوا: إن أهم الأسباب غياب الرقابة الوظيفية، ويرى الإعلامي (آدم): “أن المُديرِينَ يلقون أعمالهم على عاتق الموظفين، وهنا قد يحصل تقصير في العمل نتيجة الضغط الوظيفي “
وهذا لا يعني أن إنجاز العمل مستحيل، لكن إذا ما أردنا المحافظة على الخط الإنتاجي المنتظم لابد للمؤسسات أن تضع لرمضان برنامجاً خاصاً وأعمالاً ومشاريعَ مرتبطة بمتطلبات الشهر، كما أن صعوبة الصيام لا تبيح للموظف أن يتقاعس عن مهامه بل تفرض عليه القيام بها على أكمل وجه حتى لو اضطر للعمل بعد الإفطار، فرمضان يحمل في أيامه المعدودات أسمى معاني العطاء والبركات.
ومقياس الإنتاج في رمضان ذاته في غير الشهور مرتبط بالدرجة الأولى بمقدار الاندفاع والإخلاص في النية وإتقان الأعمال دون الركون للراحة، وإلا فقد يتحول الصيام إلى صيام عن العمل أيضاً!