عبد العزيز عباسي |
رواية أثارت مؤخرًا ضجة ً بين الكتَّاب، بل حتى من لا يحب المطالعة أثارت اهتمامه كثيراً.
غلافٌ غريبٌ لصورة رجل ٍ أعورٍ ذي شكلٍ مخيفٍ، يوحى لمن يرى الروايةَ للوهلة الأولى أنها روايةُ رعبٍ، فالكتاب جعلها مليئةً بالتشويق والإثارة مستخدماً أسلوباً يعتبر من بين أحسن الأساليب في طرح المواضيع الذي يجعل القارئ يحسُّ أنّه هو المقصود حين يكلّمه الكاتب بصيغة مباشرةٍ أو غير مباشرةٍ أحيانًا، وحتى حين تخاطبه شخصيات الرواية من الإنس والجن.
الرواية من تأليف الكاتب والصيدلي المصري أحمد خالد مصطفى من مواليد 22 يناير 1984 بالمدينة المنورة، وهي ليست الأولى وليست الأخيرة، فقد صدر للكاتب أيضًا (أرض السافلين، وملائك نصيبين) غير أنّ أنتيخريستوس هي الأبرز والأشهر بين روايات هذا الكاتب، ويعود ذلك إلى مزج الكاتب بين الحقيقة والخيال والتاريخ والسحر والشعوذة ودخوله إِلى منطقة الخط الأحمر للتراث الديني
بأسلوب مشوّق يظهر العلاقة بين الجن والإنس وما يحدث في العالم، بالإضافة إلى تنبؤات مستقبلية.
ومعنى اسم الرواية لوحده مثير للجدل ومبهر وجذاب، وهناك تضارب آراء حول معنى هذا الاسم، فمنهم من قال إنّ أنتيخريستوس هو المسيح الدجال باللغة الروسية أو باللغة اللاتينية أو باليونانية القديمة، أو السامري بالعربية، وهناك من يقول: إن معناه ضد إبليس باللغة البابلية؛ لأنّ كلمة anti تعني ضد، والقارئ سوف يُدرك المضمون من خلال سير الأحداث.
وقد تم منعها في العديد من الدول العربية بسبب مناقشتها وعرضها لأمرين: الأول شخصيات متضاربة تشير إلى رموز خطيرة، والآخر منظمات سرية عالمية.
الكاتب يأخذك من بداية الرواية إلى ماضٍ سحيق قبل 2000 عام في العراق ببابل عندما بدأ السحر لأول مرةٍ في كهفٍ قديم جداً كان إبليس يسكن فيه شخصياً، حيث التقى لأول مرة ببشري يقال إنّه الملك النمرود الذي تعلم السحر واستطاع حكم بلدان كثيرة، وانتهى به المطاف إلى الموت بعد صراع ٍ مع النبي ابراهيم عليه السلام، ثم يأخذك الكاتب إِلى قصة الملكين ببابل هاروت وماروت، حيث يلتقي هذان الملاكان بأفروديت إلهة الحب والجمال والإغواء في الأساطير اليونانية القديمة التي تُعرف عند العرب باللات.
فما تلبث أن تستوعب هذه الأحداث والأسرار، حتّى يأخذك الكاتب إلى مملكة النبي سليمان لتكتشف كيف استطاع النبي سليمان قتل كل هؤلاء السحرة، ولتفهم القصة الحقيقية وراء تنظيم فرسان الهيكل الذي تم تغيير اسمهم من فرسان الهيكل إِلى البنائين الأحرار، وهي جمعية سرية تأسست في القرن 14 وقد كُتب عنها الكثير وخاصةً في رواية شيفرة دافنشي للكاتب الأميركي دان براون.
ويتحدث الكاتب عن الفتنة الكبرى، وظهور الشيعة ومقتل الحسين، وظهور شخصية دراكولا ذات الأصول التاريخية في عام1450 لكنها صُورت في الأفلام على أنَّها شخصية خيالية، لتعرف بعد فترة قصيرة كيف غزت بريطانيا أميركا وأبادت الكثير من الهنود الحمر.
وتفضح الرواية خيانة إحدى أميرات الهنود الحمر لشعبها وهي (بوكاهنتوس) التي تحولت قصتها إِلى فيلم وبرامج أطفال أيضًا، وتشير إلى اغتيالات عالمية حصلت على يد جماعات سرية مثل اغتيال الرئيس الأمريكي جون كينيدي والملك فيصل بن عبد العزيز وأنور السادات، كأنّ الكاتب يقول: إن هناك من يتحكم بهذا العالم في كل شيء من خلال تدبير الاغتيالات السياسية وإشعال الفتن بين الشعوب في كل مكان، وهناك من بيده المال والقرار الدولي.
ليس كل ما ذُكر في الرواية حقيقي وموثوق المصدر، أضف إلى ذلك أنّ التغيير هو فكرة والفكرة لا تموت، وإلقاء اللوم في كل شيء على المؤامرة هو استسلام وعجز ليس إِلا، والأمل بتغيير الفكر ليس أمراً مستحيلاً، لكنه صعب ويحتاج جيلاً جديدًا مثقفًا يقرأ وينقد ولا يتبع سياسة القطيع.