بقلم : صادق الأمينإنَّ روسية جمهورية اتحادية فيها عدد كبير من الجمهوريات، إسلامية كالشيشان والداغستان والباشكير والتاتار وغيرها، وهي جميعا تتطلع إلى الاستقلال أو العدالة على أقل تقدير، وهي تحت ظلم الروس، فالجيش الروسي -وبعد حرب دامت 4 سنوات-دخل إلى غروزني عاصمة الشيشان التي أعلى بناء فيها لا يزيد على متر واحد، كذلك عندما أخذ مسلحون شيشان رهائن روس وعددهم أكثر من مئتي طفل روسي ضمن مسرح مدرسي لتحقيق مطلب يرونه محقًا، فإنَّ السلطات الروسية لم تتردد باتخاذ أي إجراء وحشي حيال ذلك، بل ضربت الجميع بالسلاح الكيماوي فقتلت الخاطفين والمخطوفين وانتهى الأمر.وهمجية الروس وقسوتهم وقدرتهم على القمع لا مثيل لها، وقد فاقت كل تقدير، لا نازية هتلر ولا فاشية موسوليني، إلا فاشية البعث والأسد.وعلى ضوء ما سبق ينصرف الروس في سورية، وهي على زعمهم جمهورية روسية خارج الحدود، تتصرف مع السوريين كما تتصرف مع الشيشان، وهذا ما يفسر وجود شيشانيين في صفوف الثوار، حيث يعتقد الشيشانيون أنَّهم يحاربون روسية في سورية.ولو سألنا أنفسنا أو سأل الروس أنفسهم: هل مصلحة روسية في سورية هي الأهم أو مصلحة السوريين في بلدهم؟من وجهة نظر الروس فإنَّ مصلحة روسية -ولنقل النظم الروسية المتعاقبة-في سورية هي الأهم وفوق كل مصلحة حتى مصلحة شعب في أرضه، إنَّ الروس كما ذكرنا سابقًا لا يهمهم من يحكم سورية: الأسد، البعث، المعارضة، خلافة.. ، لكن يهمهم أن يكون الحكم فيها فرديًا ديكتاتوريا متفردا بالقرار، وألَّا يكون معبرا عن إرادة الشعب، لأَّن التفاهم مع شخص يملك كل الصلاحيات ممكن، ولكن من غير الممكن التفاهم مع نخبة تمثل شعبًا لا يمكن إملاء الشروط عليه. وما ينطبق على الروس ينطبق على الغرب والأمريكيين خاصة.ولو نظرنا إلى خريطة العالم الثالث نجد أنَّه كلما كانت موارد دولة ما أكبر كان الحكم التسلطي الاستبدادي فيها أشد. إنَّ الشعوب بشكل عام تطمح أن تكون حرة مستقلة القرار، مستقرة الأوضاع الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، والقوى الكبرى تحاول حرمانها من ذلك، وهنا يكمن الصراع، والروس والسوريون يمثلون هذا الثنائي المخيف.أثناء الحرب العالمية الثانية اتهم النظام السوفييتي شعوب القوقاز المسلمة بالخيانة، فقام ستالين بقلع الشيشانيين من أرضهم وموطنهم وإرسالهم إلى سيبيرية مشيًا على الأقدام، حيث لم يصل إلى هناك سوى ربع السكان، ومن وصل عاش من الجوع والخوف والبرد حيث إنَّ سيبيرية لا يوجد فيها سوى الجليد.كما سبق أنْ هجر القياصرة الروس الكثير من سكان القوقاز المسلمين، حيث جاء قسم منهم إلى البلاد العربية عبر أراضي الدولة العثمانية، وهذا يفسر وجود الشركس في سورية والأردن، فهل يعيد التاريخ نفسه، ولكن بصورة مغايرة؟كما ذكرنا سابقا فإنَّ الجمهوريات الإسلامية جنوب الاتحاد الروسي تشكل ألمًا في رأس السلطة الروسية، ذلك أن جمهورية (تتارية) على سبيل المثال جمهورية إسلامية لا تبعد عاصمتها كازان سوى 200 كم عن موسكو، والسؤال الممكن هنا والمستغرب هل يعمل الروس وفق أجندة تهدف إلى إفراغ سورية من سكانها عبر تأييد الروس للأعمال العسكرية أو القيام بها مباشرة عن طريق خبراء روس أو طيارين أو مهندسين حربيين، وذلك في المناطق الداخلية من سورية كحلب ودمشق وحماة، لكي يقوم بتهجير القوقازيين عبر حصارهم وترك فرجة لهم للوصول إلى سورية، ويكون بذلك قد حقق طموحه أولًا بالتخلص من المسلمين الروس، وثانيًا بإملاء الفراغ الحاصل في سورية بأناس ذوي ثقافة روسية، فتكون فعلا جمهورية روسية وراء الحدود؟!