حماة أو ما يعرف لدى السوريين بعروس العاصي، مدينة سطَّر التاريخ اسمها بحروف من ذهب ودم، كانت وما زالت شوكة في حلق نظام الأسد الأب ومن بعده الابن، فلا يخفى على الجميع المجزرة المروعة التي طالت سكانها على يد الأسد الأب في ثمانينات القرن الماضي، لتعود حماة بعد أن ضمدت جراحها إلى الثورة اليتيمة التي بدأت من مدينة درعا، وتكون ساحة العاصي الشهيرة شاهدة على أكبر المظاهرات في سوريا، وكما باقي المحافظات واجهها النظام بالقمع الوحشي، وإطلاق النار على المتظاهرين السلميين، بحجج واهية من إرهابيين ومندسين…، ورغبة من بشار عدم تكرار خطأ أبيه، عمد إلى السيطرة الكاملة على المدينة الثائرة، لتقبع المدينة تحت ظلم النظام لسنين عديدة، ولم يكتفِ النظام في المدينة، بل عمد إلى إطفاء نار الثورة في ريفها المشتعل، ليسيطر على غالبية مدن وبلدات الريفين الغربي والشمالي.
محمود صاحب الواحد والعشرين ربيعاً يروي لنا قصة طويلة من المعاناة مع عناصر النظام يقول: ” في سوريا يُسحب الشباب إلى الخدمة الإلزامية في سن الثامنة عشر، النظام سيطر على مدينتي صوران، ليجبر الشباب على الانضمام إلى قواته وإن لم ينضموا يعمد إلى اعتقالهم وإجبارهم على الانضمام إلى شبيحته، ما دفعني وعائلتي إلى الهرب من المدينة، تفادياً للاعتقال أو التجنيد الإجباري.”
وبعد طول انتظار من سكان المدينة، انتفضت الفصائل الثورية في إدلب، لتطلق معركة حملت مسميات عدة، ولكنها تحمل هدفاً واحداً، ألا وهو تحرير المدينة، بدأها فصيل جند الأقصى بمسمى “غزوة مروان حديد”، لتذيق النظام وحلفاءه الويلات، وتبدأ بالسيطرة على مدن الريف الشمالي للمدينة، فتحررت حلفايا ومن بعدها طيبة الإمام التين كانتا من أوائل المدن التي عانقت الحرية، لتستمر المعركة وتمتد إلى صوران كبرى مدن الشمال لتليها معردس، مدن ونقاط عسكرية لا تقل أهمية عن مدينة حماة، لكثرة الحواجز والنقاط العسكرية الموجودة داخلها، وما يكسر ظهر النظام وصول صواريخ المعارضة إلى أكبر نقاطه العسكرية في المطار وجبل زين العابدين، الذي يعد نقطة ارتكاز للنظام والبوابة الرئيسة للمدينة المحتلة.
وفي تصريح خاص لجريدة حبر قال “النقيب عبد الجبار عباس” القائد العسكري لجيش النصر والمتحدث الرسمي باسم الجيش:” إنَّ توقيت معركة حماة جاء بعد تخطيط استمر لثلاثة أشهر بين الفصائل المشاركة، وتهدف المعركة للسيطرة على كامل الريف الحموي، وتتم المعركة على مراحل متعددة، وقد انطلقت مرحلة جديدة للسيطرة على حواجز الجبين وتل ملح.”
وخلال سؤاله عن أهمية المعركة عند النظام والخطط المعدة لجبل زين العابدين، قال القائد العسكري: ” إنَّ حماة تعد الخزان الحيوي الأكبر للنظام من حيث الوجود العسكري، وتشكيل ما يعرف باسم الدفاع الوطني الذي يوجد غالبيته في حماة، وأما جبل زين العابدين، فإنه يعتبر المعقل الأكبر ويشرف على كامل الريف الحموي، بالإضافة إلى أنه يعتبر مفتاح مدينة حماة، وخط الدفاع الأول عن المدينة وبسقوطه تعتبر المدينة بحكم الساقطة”.
وأردف القائد العسكري قائلا، ” إنَّ معارك جبلي التركمان والأكراد بالإضافة إلى فتح الطريق للمحاصرين في حلب، كانت أكبر المعوقات للمعركة، وإحدى أهم الأسباب التي دفعتنا لفتحها.”
معركة حماة والتقدمات المتسارعة لفصائل المعارضة على حساب النظام وأتباعه، تفتح لدى المتابعين تساؤلات جمَّة، هل ستستمر المعركة حتى تحقيق كامل أهدافها؟ أم أنَّ النظام سيحشد قواته لمنع سقوطه؟ أم أنَّ الأجندات الخارجية سيكون لها الدور الأكبر في الضغط على الفصائل المقاتلة في الريف الحموي لإيقاف هذه المعركة؟ وهل لمعركة حلب الأخيرة أي تأخير على سير العملية لدى الطرفين المتصارعين…؟
كرم إبراهيم