محمد أحمد |
تعرضت مئات العوائل للنزوح القسري من منطقة (أبو ضهور) شرق إدلب منذ عامين، إبَّان الهجمة الشرسة التي تعرضت لها المنطقة، حيث سيطر النظام وروسيا عليها.
ورغم التهجير والنزوح الذي تعرضت له العوائل؛ إلا أن الجانب المشرق من عادات بعض تلك العوائل ما زالت ترافقها حتى في رحلة نزوحهم الشاقة.
عائلة (أم مهنا) إحدى تلك العوائل التي حافظت على عاداتها في منزلها شرق إدلب الذي هُجِّرت منه، وذلك بقلتها إلى خيمتها.
عادات تُنقل من المنزل إلى الخيمة
بين أشجار الزيتون بَنت عائلة (أم مهنا) خيمة لتأويهم من حرِّ الشمس وبرد الشتاء، فباتت تلك الخيمة حديقةً يكثر بها الأزهار والورود، في محاولة لزرع الفرح والبهجة في نفوس العائلة والأطفال.
تقول أم (مهنا): ” أُخرجنا من بلدتنا المُدمَّرة ومنزلنا الذي لم يبقَ منه شيئًا سوى الذكريات، ولعدم قدرتنا على استئجار منزل هنا في الشمال السوري، أقمنا في العراء ومن معنا من أبناء بلدتنا، حتى بنينا هذا المخيم من خيم مهترئة”.
وتضيف (أم مهنا) ذات العشرين ربيعًا: ” في السابق، وحين كنت أقطن منزلي، كانت الأزهار والورود رفيقة دربي؛ ولازمتني تلك العادة في سكني الجديد بين أشجار الزيتون، وضمن خيمة مهترئة”.
وأكدت لنا أن هذه العادة زادت لديها بسبب العيش بين الأوساخ والأتربة في المخيمات؛ لتحافظ على نظافة وسلامة أبنائها، مشيرةً إلى أن حياة المخيمات صعبة جدًا، لكنها لم تثنها عن محبتها للنظافة الشخصية والورود والحفاظ على أولادها بحياة سليمة وكريمة، ريثما تتم العودة التي لطالما حلمت بها.
أثرٌ إيجابي
لم تعد خيمة (أم مهنا) الوحيدة في ذلك المخيم، بل تبعها أهالي المخيم بالأجمع، وبدؤوا بزراعة الورود بين خيمهم لتصبح، (أم مهنا) نموذجًا حيًا يتبعه من تبقى من المخيم، الذي يحوي 40 خيمة.
يقول (أبو محمد) من سكان المخيم: “غرنا من أم مهنا وزوجها بعد أن لاحظنا النظافة الشخصية عليهم وعلى أبنائهم، ومن يزور المخيم يذهب إليهم مباشرةً نتيجة جمال الطبيعة الخلابة التي صنعوها.”
ويكمل: “قررنا جميعنا أن يكون المخيم كلّه مثل خيمة (أم مهنا).”
وبالفعل الجميع خطا خطوتهم وعمل على زراعة الورود بين الخيم ليصبح اسم المخيم “مخيم الورود”
العزيمة و الإصرار والصبر أساس العيش لدى الشعب السوري، رغم ما مرّ به من قسوة الحياة والعيش، لكنه باقٍ ويريد أن يعيش الحياة بحلوها ومرّها، وفقدان المنزل لم يمنع الأهالي من استكمال حياتهم والتقاليد التي عاشوا عليها، لكن تبقى في القلب غصةً على أمل العودة إلى الديار.