أ.د سامي محمود إبراهيم |
إنه لسؤال تأملي مُثير يفتح حوارات وقناعات تقلب ما ألفناه، وتدعونا للنظر في لون الحقيقة تلك التي يغيب فيها كل لون، حتى البياض لون التصالح مع الزمن، ذلك البحر الذي نقطعه ونحن نحمل أعباء حريتنا على أكتافنا، نلجم جواد أمواجه الجموحة لنكتب سطورنا على صفحاته في كتاب الزمن، كتاب من؟ ومتى القلب في خفقانه اطمئنان؟!
كيف يمكن لبياض قلب الحقيقة أن تقدم نفسها للعالم دون إخضاع لعملية تجميل قسرية في صالات تشريح النص واستئصال المعنى بأيدي أمهر لاعبي التفكيك العالمي المعاصر بهدف تقويض نماذج الحضور التي تستند إليها الحضارة الإسلامية بما يسمح بظهور بدائل حضارية، وإزاحة النص الديني للانخراط في عوالم المعاني المتخيلة والهوامش المربكة في عقلية الإنسان الغربي؟! يصطادون سمكنا على حافة ما كان نهرًا وجف! وها أنا قد نقلت مخططًا حقيقيًا، وناقل الكفر ليس بكافر..
هكذا يبدو العالم كأنه صراع بين نجدين، وبين ضدين، فمتى يأتي اليوم الذي تتوحد فيه وجوهنا شطر أنفسنا؟! فلا صفاء والقلب أسود لا يرى غير الرفض والنكران لون رفض الحياة، وفي المقابل التميمة ضد الزمن، ضد من؟! ومتى القلب مع العقل اتزن؟!
أوصلنا منطق الفوضى الأمريكية إلى مرحلة المابعديات التي عكست جليًا أسوأ المراحل التي مرت بها البشرية وهي تجوب الفضاء الخارجي عبر الكبسولة الكونية العجيبة باحثةً عن جزيرة الأمل الرافضة لشتى أشكال وصور الفوضى والعدم! فيا لعزائنا هذا من عزاء!
يتحدثون عن الصدفة وما يهلكهم إلا الدهر، ونحن نتحدث عن الواحد الذي وحد الممكنات، فنقول: الممكنات المتقابلات، وجودنا والعدم والصفات، أزمنة أمكنة جهات، كذا المقادير روي الثقات.
ختامًا: اختلفت الحرية مع القدر في أذهان الناس، في كون الإنسان مسير أم مخير، فالحرية تقول: إنه مخير، والقدر يصر على أنه مسير، وبعد جدال طويل احتكما إلى العدل الذي حكم ببراءة القدر وعاقب الحرية بنفيها من دائرة الخدمة والشؤون الإنسانية، قائلاً لها: كلنا يعرف أن الإنسان مخير لكني أعاقبك لأنك جادلت القدر. فذلك ميزان الوجود دقيق.
فاللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك..