إلياس موسى |
” وصلت إدلب بآخر نَفَس” هكذا افتتحت (أم أحمد) 50 عامًا حديثها معنا، فهي من قرية الرامي بجبل الزاوية، ومريضة بعدة أمراض مزمنة (كالسكري، والضغط والكولسترول)، اشتكت في حديثها لحبر انعدام المشافي بأريحا، وقالت: ” فجأة أصبحت أرتجف وأشعر بارتفاع الحرارة وهبوطها وكل جسمي يؤلمني، وللأسف أقرب مشفى علينا بإدلب، يبعد عنَّا نصف ساعة لنصل، ومن شدة الألم فقدت الوعي”.
يعاني سكان مدينة (اريحا) وريفها من انعدام المشافي وقلة الأطباء، إذ يضطر أغلب السكان للسفر إلى مدينة إدلب لمعالجة مرضاهم، تقول (أم أحمد): ” ارتفع ضغطي بشكل مفاجئ، ورب العالمين تلطف بي وأنجاني حتى وصلت المشفى بإدلب، ولو كان يوجد مشفى بأريحا لما دخلت حالة الخطر، ولكنت اختصرت نصف الوقت.”
تفتقر مدينة أريحا في ريف إدلب الجنوبي إلى الخدمات الطبية، وبشكل خاص لعدم توفر المشافي والإسعافات الأولية للأمراض المزمنة بعد حملة التصعيد الأخيرة على ريف إدلب الجنوبي، تضيف (أم أحمد):” صحيح أننا نزحنا من القصف، لكن رجعنا، وتقريبًا نصف البلد ببيوتها، منهم الحوامل ومنهم الأطفال ومنهم الكبار الذين عندهم أمراض مزمنة متلي مثلًا.”
) آمنة حاج موسى) من قرية (بزابور) بريف أريحا، تتحدث لصحيفة حبر عن معاناتها نتيجة عدم توفر مشفى توليد في مدينة (أريحا)، وهي حامل بالشهر الخامس:” لم أميز ألم المغص، حتى بدأت الإجهاض وأنا في البيت، أسعفوني إلى أريحا، إلا أنني أوشكت على الموت بعد خسارتي لأكثر من كيلو دم، وحين وصلت أريحا وجدت مشفى وحيدًا ظننت أنه سيسعفني وينقذني من الموت، لكنه لم يستقبلنا بحجة عدم وجود طبيبة، بعد ذلك وجدت مشفى تخصصيًا بإمكانيات بسيطة، وخضعت لعملية، ثم أخبرتني الطبيبة: لو حصل تأخير أكثر من ذلك لكنت فقدت حياتي.”
إن حملة التصعيد الأخيرة من قبل قوات النظام وروسيا أجبرت العديد من سكان (أريحا) على إخلاء بيوتهم خوفًا على أرواحهم من القصف، وخوفًا من وصول النظام لمدينتهم، وبدروها قامت المنظمات بنقل المشافي الموجودة في المدينة لمناطق أكثر أمانًا.
(حسن قدور) رئيس دائرة المشافي في محافظة إدلب، يقول في تصريح لصحيفة حبر عن سبب نقل المشافي من (اريحا) إلى أماكن أخرى: ” مدينة أريحا مدينة تقع على أوتوستراد اللاذقية – حلب M4 ، وتقع في منطقة تصنف أنها خطيرة، لذلك انتقلت المشافي التي كانت تعمل بها في بداية هذا العام إلى أماكن أخرى لخطورة المنطقة، وللسبب ذاته لم يتم افتتاح مشافٍ جديدة، لكن يتم عرض احتياج المنطقة للمشافي بشكل دوري على المنظمات الداعمة ونحن بانتظار دعم إحدى المنظمات لمشفى يقدم خدمات لمعالجة الأمراض الداخلية والجراحي.”
وأردف (قدور): “تم مؤخرًا إحداث مشفى في مدينة أريحا مدعوم من منظمة (سيما)، فيه اختصاص نسائية وتوليد وأطفال، وحاليًا عيادات فقط، وخلال أيام سوف يتم تفعيل المشفى على مدار الساعة.
ومديرية الصحة تسعى لإحداث المشافي، لكن المنظمات التي تدعم المشافي ليست مطمئنة للوضع الأمني في المنطقة، والمشكلة الأساسية لدينا هي الوضع الأمني الذي يعيق دعم المشافي جنوب M4.”
ويتداول في وسائل الإعلام عن معركة قريبة لجنوبي M4، وبدورها أشارت مديرية الصحة إلى وجود خطة لحالات الطوارئ، يقول (قدور) لصحيفة حبر:” هناك خطط طوارئ لدى مديرية الصحة إذا سارت الأوضاع للأسوأ.”
لتبقى مشكلة عدم وجود مشافٍ تلاحق المرضى في مدينة أريحا وريفها، مع تداول الأخبار عن اقتراب معركة حاسمة.