بقلم سلوى عبد الرحمن
عادات وطقوس رمضانية كثيرة تغيرت بعد الحرب التي تبدو لانهاية لها، يفتقدها السوريون لتصبح ذكريات مؤلمة، حيث إنَّ رمضان يحظى بمكانة عالية، فهو ضيف غالٍ عليهم، ينتظرونه من عام لآخر، يستقبلوه بفرح وسعادة، ويمارسون طقوسه الدينية والاجتماعية، لكن مع استمرار الحرب لم تعد موائد رمضان تلمُّ شمل الأسرة السورية، بل أصبح لمُّ الشمل في دول اللجوء، فلا تكاد تخلو مائدة من فقد عزيز للعائلة إمَّا شهيد أو مسافر أو نازح أو معتقل أو محاصر….
أسواق رمضان الدامية
تكتظ الأسواق في شهر رمضان بالناس لشراء متطلبات مائدة الإفطار للصائمين، إلا أنَّ النظام السوري يصب حقده عليها، فلا يميز بين رمضان وغيره، ولا حرمة لديه، بل على العكس أصبحت الأسواق الشعبية هدفا لطائراته في كافة المناطق الخارجة عن سيطرته في حلب و إدلب وريفهما وغوطتي دمشق، ليحصد بغاراته أرواح العشرات، فتختلط لقمة العيش بدماء الصائمين وأشلائهم على مرأى دول العالم وقادته الذين يقفون متفرجين على نزيف الدم.
مدفع رمضان
يعتبر مدفع رمضان رمزا من رموزه القديمة الذي بقي مستمرا حتى بداية الحرب في سوريا، نفس المدفع الذي كان يعني بداية الإفطار وُجِّه نحو الشعب الأعزل، فمزجت أصوات المدافع والقذائف مع صوت الأذان.
الحلويات والسوس والمعروك
لم يغب فقط الأحبة عن موائد رمضان، بل غاب عنها أيضا الكثير من المأكولات الشعبية والمشروبات والحلويات، وذلك بسبب الغلاء والفقر أو الحصار، حيث أصبح أكثر من ثلثي الشعب السوري تحت خط الفقر، ويعتمدون على المساعدات الغذائية بعد أن كانت تشتهر موائدهم بأطيب وأشهى الأطباق من الحلو والمعجنات التي أصبحت حكرا على فئة قليلة، وتعتبر من الكماليات والرفاهية للآخرين.
صوم بعد صوم
يعاني قرابة نصف مليون سوري من وطأة الحصار والجوع الذي تفرضه قوات النظام وحزب الله على مناطق غوطتي دمشق وبعض أحياء حمص وريفها منذ أعوام، فيحصد الجوع أرواح الأطفال والشيوخ والنساء بشكل يومي.
فكيف سيتحمَّل الجائعون الجوع؟!
وماذا سيأكلون على موائد الإفطار؟ ّ!
أسئلة نعلم جميعا أنَّ أجوبتها تحرق القلوب.
صلاة التراويح
يؤديها المسلمون جماعة في الجوامع في شهر رمضان، فتصدح المآذن بالصلوات والأدعية، إلا أنَّ التراويح والجمعة في جوامع سورية تلغى في أغلب الجوامع خوفا على أرواح المصلين من استهداف الطيران الحربي للجوامع.
المسحراتي والسحور
المسحراتي هو شخص يعمل على إيقاظ الناس من خلال الضرب على طبلة صغيرة، لتناول وجبة السحور وتأدية صلاة الفجر وقراءة القرآن، وكان يخصص لكل حي مسحراتي، إلا أنَّه في سنوات الحرب الأخيرة غاب عن معظم الحارات السورية، وإن وجد يصدح بنداءات مناوئة للنظام مثل: ” قوم يا نايم بشار الأسد مو دايم” و ” قوموا عالحرية يسقط حزب البعثية”.
كيف يودع السوريون رمضان
كان السوريون يودعون رمضان بفرح ليستقبلوا عيد الفطر، فيقضوا الأيام الأخيرة في الأسواق لشراء مستلزمات العيد من حلويات وألبسة.
إلا أنَّ سوريا الجريحة لن تكون سعيدة هذا العام، فقد كان رمضان الأكثر دموية وحزنا بسبب القتل والدمار والتهجير الذي تمارسه قوات النظام السوري ضد الشعب الأعزل.
والسؤال الذي يدور في أذهاننا:
هل ستفوح من بيوت السوريين رائحة الحلوى أم رائحة الدم؟!
وهل سيلبس أطفالنا ثياب العيد أم الأكفان ؟!
ومن سيعيد البسمة إلى وجوه العجائز والأطفال؟!
لم تعد فوانيس رمضان تلزمنا فقد أصبحت أرواح شهدائنا مصابيحاً تنير سماء سوريا في عتمة ضمائر حكام العالم.