بقلم بتول بركاتسوف تكون حكايتنا نهاية لبداية، وستكون واقعا طُمس ووُئدَ في حياته، فإلى متى الجزع وانتظار الأجل؟! وإلى متى نحدق دون جدوى؟! فها هي قصتنا تبدأ بالبحث عن السؤال قبل الجواب، وها هي سوريا بحروفها الذهبية، بسينها التي هي امتداد لسناها الصافي، وواوها التي تحكي وجد مغتربيها، ورائها المعبرة عن رقة أخلاق شعبها، ويائها المزروعة في ياسمين شامها، والأمل يبقى شامخا في ألفها، ولأننا نحن أجيال المستقبل لم نقبل الذل والخنوع، شرعنا بثورة الكرامة والحرية، ثورة جيل لم تدنسه خرافات الماضي.فلقد تفجرت في أذهاننا كلمة ثورة من بعد كل ما حدث في الدول العربية، فمن تونس التي قطعت خيط السُبحة لتتساقط حباتها على مصر وليبيا، إلى سوريا التي بدأ عامها الأول ملونا بالدماء لنشاهد أفظع ضروب القتل والتدمير، بالإضافة إلى التعتيم الإعلامي تحت ستار الإرهاب، ليوصف الطفل بصفة الإرهابي، لأنَّ هذا الطفل لم يرض بقيد العبيد، وكما قال نزار قباني : ادخل إلى مدرسة، تعلم الأمية، اكتب بلا أصابع، وكن بلا قضية، امسح حذاء الدولة العلية، اشطب من القاموس كلمة حرية، ولا تتحدث عن شؤون الفقر والثورة في الشوارع الخلفية، ولا تنتقد أجهزة القمع، ولا تضع أنفك في المسائل القومية، كن غامضا في كل ما تكتب، والزم مبدأ التقية، لا تتذكر أنبياء القدس أو ترابها فإنها حكاية منسية، ولا تقل لحاكم إنَّ قباب قصره مصنوعة من جثث الرعية.وأشرقت شمس العام الثاني لتزداد وتيرة وحدة الصراع بقتل أكثر ودموية أكثر ليحمل أبناء الشعب السوري أكفانهم ويصبحوا حماة سوريا في وقت خان الوطن حماته الأصليون، ولكن لم يلبث أن تفشى في كيان ثوارنا أناس لم يعرف الحسُّ الوطني سبيلا إلى ضمائرهم، ليرتدوا زي محبي الوطن تحت ستار المصالح الشخصية والأعمال الإجرامية.وأصبح هؤلاء يريدون المزيد والمزيد، فهم كالنار لا يشبعون، ومع الثالث توسعت دائرة الصراع ليزيد الدمار ويزد عدد المتصارعين، لتكتمل عناصر الصورة (دمار، فرق تتكالب على السلطة، دعم خارجي، منظمات متعددة ومتنوعة، فقر، جوع، ألم، صواريخ، دبابات، طائرات، مجازر، رايات تتخفى وراءها الذئاب…) لم يعد الصراع بين شعب وحكومة، بل ازدادت المعضلة تعقيدا، ومع بزوغ فجر العام الرابع وهو العام الذي لاحظنا فيه تقدما للثورة على كافة المجالات الحربية والتعليمية والدولية، ها هم الشرفاء كالجسد الواحد يفتحون وينتصرون ويناجون ربهم قال تعالى: “إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممددكم بألف من الملائكة مردفين” وعندما أرى هذا تستحضرني غزوة بدر عندما انتصر المسلمون بفضل الله ورسوله، فالاتحاد أدى إلى الانتصار والغنائم كما حُلل لهم، فثاروا دفاعا عن دينهم لحماية الأماكن المقدسة التي راح النظام يقصفها بلا مبالاة، ألا إنَّ الله سيمهلهم إلى عذاب عظيم. وفي النهاية لقد اشتاقت سوريا لتكون هادئة، لقد اشتاق أطفالنا لارتداء اللباس المدرسي وللذهاب إلى المدرسة بهدوء لا ركضا للهروب من الموت، ومالنا سوى الدعاء والتضرع لله تعالى، وسوف نرى من سيدركه الونى والكلل ويسقط في المعركة وينتهي أجله، وسيبقى الأمل..