بقلم: محمد إبراهيم “أبو يزن”لاريب في أن السؤال الأكثر إلحاحاً على عقول جميع المفكرين وجميع من يراقب الثورة السورية هو كيفية انتهاء هذه الثورة، وبمعنى آخر هل سيكون الحل عسكرياً أو سياسياً، ففي حين نجد أغلب النشطاء والعاملين في المجال المدني يغلّبون الحل السياسي، ويتأملون انتهاء سلسلة جنيف ورضوخ الأسد ونظامه لمطالب الائتلاف الوطني السوري المعارض والدول الغربية بتشكيل هيئة حكم انتقالي تتسلم السلطة في سوريا وتعد العدة لانتخابات حرة ونزيهة، ينتظرون إزاء ذلك دعم الولايات المتحدة والدول الغربية للجيش السوري الحر حتى يتمكن الأخير من تحقيق الانتصارات والتضييق على نظام الأسد حتى يرغمه على التنازل في أحد مؤتمرات جنيف، ولكن متى سيحصل هذا وكيف؟ هنا السؤال الكبير، هل سيرضخ الأسد لهذا؟ ألم يكن وضع الأسد العسكري سيئاً للغاية في النصف الثاني من العام 2012! لماذا لم يكن وقتها مستعداً للتنازل؟ هل تسمح إيران وروسيا للأسد بالتنازل عن قاعدتهما الشرق أوسطية المهمة بهذه السهولة؟!بالطبع هنا نجد الإجابة سهلة وواضحة فمهما فعل الجيش السوري الحر سنجد على النقيض دعماً روسياً وإيرانياً لا ينقطع ولا يوازيه بأي حال أي دعم يقدم من أصدقاء الشعب سوري للمعارضة السورية، ولا بد لنا هنا أن نتأكد بأن بديل الأسد في نظر الغرب لم يصبح جاهزاً ولم تنضج تلك الطبخة التي تعد للشعب السوري، ولا يمكننا هنا أن نغفل ضعف الولايات المتحدة الأمريكية في إدارة هذا الملف وانكفاء إدارة أوباما لشؤونها الاقتصادية والداخلية، وإفساحها المجال أمام روسيا للعودة كقطب قوي في العالم، وما الفيتو الروسي المتكرر في مجلس الأمن إلا دليل واضح على هذا الكلام.إذاً هل على الشعب السوري الانتظار حتى انتهاء ولاية أوباما الأخيرة بعد سنتين وأن يحل مكانه رئيس أمريكي جديد يتمتع بشجاعة كافية لتغيير موازين القوى على الأرض؟ كل هذا وأكثر وربما ما على الشعب السوري البطل الذي ضحى بالغالي والرخيص ومازال يضحي إلا الصبر، والصبر ثم الصبر فالحرب صبر ساعة، وربما هنا علينا أن ندرك من خلال هذا الكلام وهذه المعطيات أن الحل في سوريا سياسي عسكري؛ سياسي عندما يسوس جميعنا الأمور لصالح الثورة السورية ولصالح الشعب السوري، وعندما ننبذ الخلافات بيننا ونري العالم أهداف ثورتنا الحقة، وعندما ننجح في إبراز صورة الإسلام الدين السمح الذي جاء خاتماً للأديان. والحل سياسي أيضاً عندما تنجح مؤسساتنا المدنية في إدارة الدور المنوط بها أفضل أداء، وعندما نعمل جميعاً لصالح سوريا مهما كان ديننا أو انتماؤنا.أما الشق الثاني من الحل وهو العسكري، فهنا علينا التوقف قليلاً ولملمة أمورنا وتوحيد الصف ما أمكن وإبراز الدور الوطني لهذه الكتائب، وأن نمدها بالمال والسلاح والرجال وأن نصبر عليها كونها ستكون المؤسسة العسكرية التي ستحمي الديار في المستقبل، فلا يخفى علينا هنا استمرار الدعم الروسي الإيراني لنظام الأسد وتدخُّل الميليشيات الشيعية الكبير في سوريا وعلى كل الجبهات، وهنا أيضاً يبرز دور الصبر مرة أخرى، وعلينا اللعب على عامل الزمن وأن نعدّ أنفسنا لنلعب بسياسة النفس الطويل، وألا نملَّ إطلاقاً بل علينا هنا انتظار تسلل الملل لقلوب الإيرانيين والروس. ولا بد لنا هنا من الربط بين الجانب العسكري والسياسي فالسياسة السورية على الصعيد الخارجي يجب أن تركّز على رفع ثقة الأصدقاء بها كمعارضة وكبديل للأسد، وأن تحاول زعزعة الثقة ما أمكن بين الأسد وحلفائه بأي شكل من الأشكال، وإن استطاعت أيضاً تهديد مصالح هذه الدول بزعزعة علاقاتها مع بعضها البعض أو حتى زعزعة الثقة مع الدول الداعمة للشعب السوري، والسياسي الجيد هو من يستطيع وضع كل جهده في خدمة العسكري ويقابل ذلك العسكري الجيد الذي يؤدي أفضل أداء ويضع جهده وثقته بأخيه السياسي. وكل ذلك يجب أن ينصبّ أولاً على هدف واحد لا نتعداه إلى الأهداف الأخرى؛ ألا وهو إسقاط النظام. إذاً يجب أن نؤمن بأن الحل عسكري سياسي، ولا بدّ لنا من الاستفادة من الظروف الدولية أفضل استفادة وأن نسخّرها لخدمتنا لا أن يحصل عكس ذلك.