سلوى عبدالرحمن |
في ورشة صغيرة، مليئة بأصناف القماش وبعض ماكينات الحياكة، تعمل “فاتن” برفقة مجموعة من النسوة خلف آلة الخياطة لإنتاج أكثر من 10 قطع من الثياب بأجر يصل إلى 1500 ليرة سورية يوميًا، سعيًا منهنَّ لإعالة أسرهنَّ أو زيادة دخل بيوتهنَّ وذلك بالتعاون مع جمعية “حنين وطن”.
منظمات محلية ودولية عملت على تمويل وتشجيع مشاريع تُديرها نساء معظمهنَّ فاقدات للمعيل، وبدعم من هيئة الإغاثة الإنسانية IHH افتتحت “جمعية حنين وطن” سوقًا خيريًا في مدينة إدلب يوم الثلاثاء الماضي، يحتوي على ألبسة صيفية وشتوية ومنسوجات يدوية من إنتاج عدد من النساء بينهنَّ أرامل وزوجات معتقلين.
تقول “دميانا” مديرة الجمعية: “تعمل الجمعية على تقديم المساعدة للنساء من خلال تعليمهنَّ مهن (الخياطة والحياكة والحلاقة)، والسوق الخيري هو أحد هذه المشاريع. مضيفة أن ريع هذا السوق سيعود عليهنَّ بشكل مباشر وربما يتم التمكن من تقديم بعض الكفالات للأيتام في وقت لاحق.
تُعنى جمعية (حنين وطن) بدعم المرأة فكريًا ومهنيًا وتقديم الرعاية لها ضمن الإمكانيات المتاحة، لتمكينها وإخراجها من حالة الخوف والضعف إلى دفعها نحو الاستقرار والاعتماد على الذات، ومساعدتها في تخطي عقبات الحياة.
تقول (فاتن): “أتقاضى أجرًا جيدًا، ومن خلال عملي يمكنني تقديم مساعدة بسيطة لأولادي وزوجي في ظل الوضع الاقتصادي المتدهور في المدينة وارتفاع نسبة البطالة بين الرجال، فضلاً عن المتعة في العمل مع صديقاتي”.
تساهم المرأة السورية في زيادة الإنتاج بشكل ملفت في المناطق المحررة، فتزايد حضورها في المنظمات والورشات والمعامل والمصانع والحقول، وبعضهنَّ لا يتقاضينَ أجورًا باعتبار الخدمات التي يقدمْنها نمطية، لكنها تُسهم في تكوين دخل الأسرة، فهي المسؤولة عن الاقتصاد المنزلي بشكل مباشر.
(مروة. ج) ثلاثينية من مدينة إدلب تؤكد أن: “تعلم مهنة الحلاقة النسائية في أحد المراكز النسائية في المدينة زادني ثقة بنفسي، فبدأت أُعيل نفسي فلا أطلب مصروفي الشخصي من أحد، بعد طلاقي، تعرفت على نساء كثيرات في المركز واكتسبت منهنَّ الدعم النفسي والمعنوي، دائمًا أذكر مقولة جدتي في عمل المرأة وحصولها على المال اللازم لها “الفقيرة بترده على حالها والغنية بتزيد بخلخالها”.
لم تعد المرأة السورية عالة على أسرتها أو “مستهلكة” بل باتت تُسهم في القوة الشرائية كما باقي النساء في المجتمعات العربية، وأصبحت جزءًا مهمًا يسهم في عملية النمو الاقتصادي، سواء بدعم المؤسسات والمنظمات التي تهتم في زيادة قدرات المرأة أو عن طريق عملها بشكل مستقل.
(أم علي) أربعينية زوجة مزارع يملك بقرة في ريف إدلب تعمل على صنع الألبان والأجبان ومشتقات الحليب داخل منزلها، حيث يُقبل أهالي الحي على منتوجاتها المميزة بمذاقها الشهي في المنطقة، إضافة إلى أن زوجها يبيع تلك المنتجات لمحال تجارية في سوق البلدة.
اكتسبت المرأة السورية بعد الثورة قوة وصلابة في مواجهة ظروف فرضتها الحرب عليها من قصف ونزوح وفقد للأزواج والأخوة، فالرجال في الحرب والمعتقلات وبلاد النزوح، فما كان من المرأة إلا أن غدت حجرًا أساسيًا في دعم الإنتاج والاقتصاد السوري في كافة قطاعاته.