لا يبدو أن التفاهم بين روسيا وتركيا سيستمر طويلاً حول الطريق الدولي(M4)، فالروس يعملون على كسر الخريطة باستمرار وقضم مناطق إضافية قد تصل لما بعد إدلب، ويبدو أن الأتراك لا يمانعون في ذلك كثيرًا، لكنهم يحاولون تأجيل أي عمل عسكري قدر المستطاع من أجل كسب وقت أطول للتفاوض حول ملفات أكثر بين الدولتين، ملفات تمتد أبعد من الحدود السورية، فهي ربما تبدأ عند (قره باغ) في أذربيجان، وقد لا تنتهي في بنغازي الليبية، وستمر بشكل مؤكد من أنابيب الغاز الواسعة التي تحكم واحدة من أبرز ملفات العلاقات الاقتصادية بين أنقرة وموسكو.
روسيا بدأت تتحدث عن مدينتي إدلب والباب في المفاوضات العسكرية مع تركيا، وعن ضرورة عودة المدينتين لسيطرة نظام الأسد، متجاهلة الاتفاق الذي يخص طريق M4 وما حوله، والمقصود هنا مدينة أريحا، وقرى وبلدات جبل الزاوية، وكأن موضوع هذه المنطقة محسوم في المفاوضات وقد تمّ التخلي عنها نهائيًا، والسيطرة عليها من قبل الروس وميلشيات النظام هي مسألة وقت فقط، وربما يكون ذلك قريبًا جدًا مع بداية كانون الأول – ديسمبر، حيث اعتادت روسيا على تغيير خريطة السيطرة في سورية في هذا الشهر من كل عام.
لا يبدو الاستسلام هنا قرارًا حكيمًا من قبل المعارضة السورية كما في كل مرة، فجغرافية المنطقة تحتاج قوة هائلة للسيطرة عليها، ومن شأن أضعف مقاومة فيها أن تكبد الروس والنظام خسائر فادحة إذا ما تمّ التمركز بشكل جيد في الجبال، ولم يستسلم الثوار عند سقوط المدن، ومن يعرف المنطقة جيدًا يعرف أيضًا أن خطوط الإمداد من الصعب أن تنقطع عنها لأنها تتصل مباشرة بالحدود التركية، إلا إذا كانت تركيا ستجبر المعارضة على التخلي عن هذه المنطقة بشكل نهائي.
وإن حدث هذا، فالطبيعي جدًا أن تتم السيطرة على إدلب، وأن يعود الحديث عن توسيع اتفاقية أضنة فقط، وبالتالي احتفاظ المعارضة بشريط حدودي ضيق لا يتجاوز مدينة سرمدا الحدودية، وبأفضل الأحوال قد يمتد إلى قرية (حزانو) الواقعة بعد قريتي (كفريا، والفوعة) اللتين تخلى عنهما النظام في اتفاقية المدن الأربعة الشهيرة مقابل (مضايا، والزبداني).
وطبعًا لا عجب أن تمتد سيطرة النظام إلى مدينة (الباب) بعد ذلك، و(مارع) أيضًا، ولن يتبقى من منطقة درع الفرات سوى مدينة (أعزاز) وبعض القرى حولها، والتي سيتم التفاهم فيما بعد على إدخال مؤسسات الدولة السورية إليها في اتفاق شبيه بالاتفاق بما حدث في درعا، ولكن برعاية تركية روسية مشتركة، وسيكون شرط هذا الاتفاق إدارة الدولة السورية بشكل مباشر لمعبري باب الهوى والسلامة الحدوديين.
هذا السيناريو هو الأكثر ترجيحًا في حال التخلي اليوم عن المناطق الأساسية المحيطة ب M4، وتبقى التفاصيل مسألة وقت لن يتجاوز ثلاث سنوات قادمة.
المدير العام | أحمد وديع العبسي
1 تعليق
ابومحمودآسي
اللهم احفظ البلادوالعباد لقداصبحت قوات المعارضة ممن تبقى من الشرفاء اليوم تقع بين فكي كماشة