تقول آخر الإحصائيات العالمية إن 83% من سكان سورية يقبعون تحت خط الفقر نتيجة قلة فرص العمل وضعف الاقتصاد السوري والليرة السورية.
إن هذه الإحصائية المرعبة تحمِّل المنظمات والمؤسسات المدنية واجب الاهتمام بالجانب الاقتصادي وتوفير فرص العمل باستهداف القدرات الشبابية بمشاريع تنموية تصقل مهاراتهم وتخطو معهم الخطوة الأولى على درب التمكين والاكتفاء الذاتي.
ومع ابتعاد نسبة كبيرة من الشباب عن التعليم وعد توفر فرص عمل دائمة تكفل لهم الحياة الكريمة، وانطلاقًا من حاجة المجتمع الاقتصادية، ولأن سورية تُعد الأولى عالميًّا كأكثر دولة في البطالة بنسبة 53% كان مشروع (خطوة) الذي تشرف عليه منظمة تكافل الشام الخيرية.
انطلاقة المشروع وأنشطته:
يعدُّ مشروع خطوة أحد مشاريع سبل العيش في منظمة تكافل الشام الخيرية، انطلق المشروع بداية عام 2018 بمسح للاحتياجات في منطقة الأتارب وجلسات نقاش مع الفئات الأكثر هشاشة من المستفيدين.
وتتوزع أنشطة المشروع على محورين:
أ. تدريبات وأنشطة الدعم النفسي والاجتماعي: كبرامج أوفيس ومهارات تواصل وحرف يدوية وأنشطة رياضية ترفيهية وجلسات توعية مجتمعية.
ب. التدريب المهني وتدريب إدارة الأعمال: ويضم الجانب المهني دورات مهنية كصيانة الطاقة الشمسية وصناعة الحلويات وتصفيف شعر والخياطة وإدارة الأعمال كما يتلقى كل المتدربون في المشروع تدريب مهارات الحياة. ويبلغ عدد المستفيدين من هذه التدريبات أكثر من 220 مستفيداً.
صحيفة حبر زارت مركز المشروع في مدينة الأتارب والتقت الأستاذ (محمود سويد) مدير المشروع الذي قال: “يهدف مشروع خطوة إلى تمكين الشباب والشابات والنساء كي يكونوا منتجين في المجتمع من خلال المهارات المهنية والمالية التي سيكتسبونها بحيث تكون هذه التدريبات ركيزة يعتمدون عليها في إعادة بناء حياتهم من جديد.”
ماهي خطتكم المستقبلية؟ وهل سيتم افتتاح مراكز جديدة للمشروع؟
“حالياً لا يوجد أي خطة لفتح مراكز جديدة للمشروع، لكن نحن نسعى لتسويق فكرة التدريبات وأهميتها المهنية، ونأمل أن يكون هناك مشاريع جديدة ضمن هذا المجال الذي يخدم المجتمع واقتصاده بشكل كبير.”
هل تقدمون المساعدة للشباب بافتتاح مشروعات بعد تمكينهم مهنياً؟
“في التدريب المهني سيتم تدريب 50% من المستفيدين في سوق العمل، وسنختارهم وفق معايير خاصة منها الدوام وعلامات الامتحانات العملية والنظرية لمدة شهرين، كما سنقدم مبلغًا ماليًّا لكل متدرب لمساعدتهم.
أما في تدريب إدارة أعمال سيتم تمويل 50% من المشاريع المقدمة من الطلاب بمنحة مالية لكل مشروع، وسيتم اختيار المشاريع بعد تقييمها من قبل لجنة مختصة.
وللمنظمة مشاريع مهنية أخرى منها مشروع (مسار) الذي قال عنه الأستاذ محمود:
“مسار هو مشروع للتدريب المهني يشابه مشروع خطوة في أحد مراحله مع اختلاف في المهن والتدريب، لكن مشروع خطوة أوسع من حيث تدريبات الأنشطة قصيرة الأمد ومهارات الحياة وعدد المستفيدين.”
مدربون مختصون لمهن تدريبية تخدم حاجة المجتمع:
في مشروع خطوة تم اختيار المهن بما يتناسب مع حاجة المجتمع، فعلى سبيل المثال أصبحت الطاقة الشمسية البديلة حاجة مجتمعية ملحّة تفتقر لذوي الخبرة القادرين على صيانتها وتركيبها بشكل جيد، ومن هنا كان تدريب الطاقة الشمسية الذي يقول عنه المدرب (محمد محمد سعيد): “أقوم هنا بتدريب 16 متدربًا على تركيب وصيانة ألواح الطاقة الشمسية، وهي مهنة يزداد الطلب عليها بشكل متسارع لأنها أوفر مصادر الطاقة المتوفرة، وسيكون المتدرب عند نهاية المشروع قادرًا على العمل بعلم واختصاص لا سيَّما أن الطاقة الشمسية تحتاج إلى الخبرة، ومن يملك الخبرة والعلم في مهنته فسيكون ناجحًا فعلاً وهذا ما نرمي إليه”.
الإصرار سبيلهم في العودة إلى الحياة:
على طريقة المثل الصيني الشهير “لا تعطني سمكة ولكن علمني كيف أصطادها” يخطو علي ومرعي وشباب آخرون أولى الخطوات المستقبلية في درب بناء الذات، فهم يدركون أن عمر الشباب فترة مفصلية إنْ لم يجد فيها الإنسان فرصة عمل دائمة فسيقع في شراك الفقر.
يسعى مرعي حاج بكور “طالب حقوق” إلى اكتساب مهارات مكتبية في برامج الحاسوب والمحاسبة ممَّا سيساعده في إيجاد فرص عمل أكبر يخدم بها مجتمعه وتسهم في تحقيق حلمه في أن يكون محاميًا في المستقبل.
يقول مرعي: “لقد أصبحت البرامج المكتبية حاجة شخصية للتقديم على أي وظيفة فضلاً عن أنها تساعدني في إدارة المشاريع الصغيرة، فأنا مقبل على مشروع جديد وأحتاج إلى هذه الخبرات التي تساهم في نجاح مشروعي وبناء مستقبلي المهني والعلمي”.
(علي أمون) 16 عامًا هو الآخر لم تكن المحطة التي فاته فيها قطار التعليم الأخيرة، بل إن إصراره على تأمين مستقبله دفعه لإيجاد وسائل أخرى ومواصلة العطاء.
(علي) اختار مهنة صناعة الحلويات وأصبح يصنع حلويات شهية وعن ذلك يقول: “ليس لدي عمل، آمل أن أتمكن من إتقان المهنة بشكل أفضل، قمت بتقديم طلب إلى إحدى المنظمات للحصول على قرض، إن حصلت عليه فسأبدأ بممارسة مهنة صناعة الحلويات للحصول على لقمة العيش من تعبي الخاص”
في خطوة شبابٌ سوريون عينهم على المستقبل، يحلمون به رغم الحاضر الحالك، يحلمون بالسلام في زمن الحرب، يبحثون عن فرصة عمل في البلد الأول في البطالة، لكنهم يتميزون وينجحون بإصرارهم لأننا معهم ونؤيدهم ونؤمن جميعًا بدورهم في المرحلة القادمة في سورية.