غسان الجمعة |
أنهت الولايات المتحدة وتركيا مؤخراً الدورية العسكرية الثالثة شرق مدينة تل أبيض وسط مخاوف صرح بها مسؤولون أمريكيون أن تركيا تقترب من إطلاق عملية عسكرية لتشكيل المنطقة الآمنة مما سيشكل خطراً على القوات الأمريكية الموجودة هناك، وقد نقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن مسؤول أمريكي أنه في حال نفذت تركيا تهديداتها فقد لا يكون أمام الأمريكيين سوى الانسحاب.
الخطى التركية نحو المعركة باتت في مراحلها الأخيرة بعد أن استكملت أنقرة استعداداتها العسكرية على طول الحدود، لكن ماذا عن بقية اللاعبين في الملف السوري في ضوء تطورات الوضع السياسي السوري وقرب انطلاق عمل اللجنة الدستورية وغموض مصير إدلب؟
روسيا اللاعب الأكبر بعد الولايات المتحدة التي تربطها علاقة مصالح مع تركيا ليس أمامها أفضل من خيار القبول بالعملية التركية كونها لا تمتلك أوراقاً قوية في مواجهة الولايات المتحدة ولا يمكنها الدخول في مواجهة مباشرة معها في إطار قواعد اللعبة السياسية والعسكرية السورية، فلذلك هي تنتظر دخول حليفي الناتو في صراع نفوذ ولا سيما أن أحد أهم الاهداف الإستراتيجية الروسية هي إبعاد تركيا عن الفلك الغربي، لذلك عمدت روسيا إلى تهدئة جبهات إدلب كنوع من رفع الضغط عن تركيا وزادت من حدة تصريحاتها ضد قسد و حلفائها الغربيين.
روسيا التي ستحصل على ثمن الضوء الأخضر الممنوح لتركيا في حال تنفيذ العملية قد تكون طرفاً في الهجوم في حال انسحب الولايات المتحدة بشكل اعتباطي ومفاجئ، ولذلك ستبقى روسيا بوضع الأسد المتأهب الذي ينتظر طرح الفريسة أرضاً ليأخذ حصته دون عناء.
وبالنسبة إلى إيران فهي مستفيدة أيضاً من خلط الأوراق في شرق الفرات ولن تعترض على عملية تركية تقويض فيها النفوذ الأمريكي المهدد لوجودها في سورية أصلاً، وهي تهيئ المنطقة بشراء ولاءات العشائر وتجنيد أهالي الضفة الشامية في البوكمال ودير الزور وتطمح لتوسعة مناطق نفوذها شرق الفرات وربطها مع ميليشياتها العراقية.
كما أنها سياسياً ليست بوارد الدخول في صراع سياسي مع تركيا التي ساندتها في ملفها النووي، بالإضافة إلى ارتباطها مع تركيا بعلاقات اقتصادية فهي كالرئة التي تتنفس منها طهران في ظل العقوبات المفروضة عليها.
أما النظام السوري فهو يمارس الابتزاز مع قسد بشكل مستمر ولا يزال يرفض مطالب وفود الأخيرة بحجة أنه المخلص الوحيد لقسد من الهجوم التركي، وهو بعيد كل البعد عن مطالبها السياسية والعسكرية، وقد اقتصر تنازله لها دوائر البلدية في بعض المناطق فقط لذلك ينتظر الأسد العملية التركية ليعرض على قسد منهجية المصالحة ظروف مواتية تخضعها أكثر.
وعلى الجانب الآخر تضمن روسيا للأسد حصته من خلال التفاهم مع الجانب التركي لاسيما وأن مصالح الأطراف في شرق الفرات مختلفة، فتركيا تريد استئصال تهديد الميليشيات الكردية بينما الحلف الروسي يسعى للسيطرة على الموارد الاقتصادية التي ستنعش اقتصاد الأسد المنهار وتملأ جيوب حلفائه.
الخاسر الأكبر من إطلاق تركيا لعملياتها في شرق الفرات هو إسرائيل التي ترى في هذه العملية توسعًا للدور التركي في المنطقة، كما أن النفوذ الإيراني سينتشر تحت المظلة الروسية وباسم قوات الأسد في حال خروج الأمريكيين دون ترتيبات تضمن ذلك.
المعارضة السورية التي ستكون لقواتها دور كبير في عملية أنقرة المرتقبة من البدهي أن تغتنم فرصة توسيع سيطرتها الجغرافية التي ستنعكس على ثقلها في التسوية السياسية وقد وحدت قواتها مؤخراً في إطار الجيش الوطني لتخوض المعركة مع حليفها التركي.