أحمد جميل بنشي |
شهدت مناطق درع الفرات وغصن الزيتون اللتان يسيطر عليها الجيش الوطني السوري والشرطة العسكرية تفجيرات كثيرة خلال الفترة الماضية خلفت الكثير من الضحايا المدنيين.
فماهي أسباب التفجيرات؟ ومن يتبناها؟ ومن يتحمل فشل الحفاظ على الأمن والسلام في هذه المناطق؟ كيف يتم إدخال السيارات؟ وكيف تتم عملية التفجير؟ ما دور الأمن التركي وماهية آلية التعاون معه؟ وهل يتم تعويض الضحايا والمصابين من تلك التفجيرات؟ وهل تم القبض على بعض المجرمين؟ ماذا عن اتهام الجيش الوطني بالضلوع فيها؟
هذه الأسئلة وأكثر نجيب عنها من خلال محاورة عدد من الشخصيات البارزة.
في البداية ماذا يقول الناس عن تلك التفجيرات؟
المواطن (محمد جمعة) طالب جامعي مقيم في مدينة عفرين يقول: “إن تلك التفجيرات نشرت فينا الخوف والرعب والإحساس بعدم الأمان، حيث إن الشخص لا يأمن على نفسه عند نزوله إلى الشارع كالسابق خوفًا من الانفجارات أو شظاياها التي قد تخترق جسدك دون الإحساس بها.”
(مريم الحسين) ربَّة منزل تشكو من التفجيرات التي تحصل بين الحين والآخر، ولا توجد مواعيد محددة لها، حيث إن اطفالها يخرجون إلى المدرسة أو لشراء الأغراض ولا تتوق الانتظار ريثما يأتون إليها سالمين.
من يتبنى تلك التفجيرات التي تحدث؟
أثناء مقابلتنا مع القاضي المستشار (محمد نور حميدي) المحقق في إدارة القضاء العسكري، تكلم قائلاً: “إن تلك التفجيرات منسوبة لعدة جهات منها قسد (قوات سوريا الديمقراطية) ونظام الأسد، وأيضا PKK ، وليس ذلك فحسب، إنما جميع الجهات التي تكون متضررة من ثبات الأمن في الداخل ويهدفون إلى نشر الفوضى وإرهاب الأهالي.”
(حسين عكاش) ممثل الفيلق الثالث في مدينة عفرين صرح بقوله: “إن هذه التفجيرات تُنسب إلى حزب PKK ، وعملاء النظام وبعض التفجيرات التي كانت من قبل (داعش).”
من يتحمل فشل أجهزة الأمن الموجودة في المنطقة التي مهمتها الحفاظ على سلامتها من التفجيرات؟ وهل هنالك خطط بديلة؟
يقول المستشار (حميدي): “إن الجهاز الأمني الموجود يعمل على أكمل وجه وبكفاءة عالية، حيث يعمل على ملء أي ثغرات موجودة، وعلى نشر المزيد من الحواجز، وامتلاكهم أجهزة متطورة في الكشف عن المتفجرات في السيارات، ولكن الطرق المختلفة في التنقل والتفجيرات تصعِّب الأمر في الكشف المبكر عن التفجير قبل حدوثه، كما أن هنالك إجراءات قادمة سيتم اتخاذها كمنع التجوال أو دخول السيارات في أوقات محددة.”
وقال (حسين) ممثل الفيلق الثالث: ” إن تهريب المتفجرات والسيارات المفخخة إلى داخل المنطقة تكون عن طريق معارف أو عملاء لهم في داخل المدينة تسيير لهم أمورهم، وبعون الله تم الإمساك بعدد من العملاء من خلال رصدنا لهم عن طريق الكاميرات المنتشرة لدى الجهاز الأمني.”
ماهي الإجراءات الوقائية التي يتم التعامل بها؟
يجيبنا المستشار (حميدي): “هنالك عدة إجراءات اتخذت، منها مدينة عفرين، حيث تم منع الدخول إلى بعض الأماكن، كما تم منع جميع السيارات غير المنمَّرة من دخول المدينة، وتم ذلك في مدينة أعزاز أيضًا حيث مُنع دخول الشاحنات والصهاريج والدراجات النارية غير المنمَّرة، وهذه الإجراءات تم تعميمها بكافة مناطق درع الفرات.”
ما هو دور الأمن التركي في هذه المناطق؟
أفاد المستشار إلى أن “قوات الأمن التركي الموجودة داخل مناطق درع الفرات متعاونة بشكل جيد، حيث إن حواجزها ومقراتها منتشرة بكافة المناطق، ومن خلال أجهزة المراقبة لديها توصلنا دائمًا بأحدث التطورات على الأرض.”
هل يتم تعويض الضحايا من تلك التفجيرات؟
صرح (حسين) قائلاً: “إن الشهداء العساكر التابعين للفصائل لديهم مكاتب تختص بالشهداء وذويهم وتعطى لهم منح دورية، بينما المدنيون، فإن الجهات التركية الموجودة تعطي تعويضات، ولكن ليس بشكل دائم أو للجميع، فلديهم معايير محددة يتم العمل على أساسها، وأفراد الشرطة العسكرية ليس لهم تعويض، إنما من فترة ليست ببعيدة طلبت الجهات التركية معلومات عن الشهداء للعمل على إعطائهم تعويضات مادية.”
هل يتم الإمساك بفاعلي تلك الجرائم؟
المستشار (محمد نور) أفاد أن “اجهزتنا استطاعت القبض على العديد من عملاء النظام، وحزب PKK الذين كان لهم دور كبير بتلك التفجيرات التي تحدث، حيث تم من خلالهم الوصول إلى أشخاص آخرين يعملون معهم ، ومعرفة طرق تنقلهم وتفجيرهم داخل البلاد، كما تم الكشف عن أوكار لهم فيها كميات كبيرة من المتفجرات TNT، ومحاكمة جميع المتسببين والمتعاملين معهم بالإعدام.”
ما الغرض من تفجيرهم داخل البلاد وبين المدنيين والعساكر؟
تكلم (حسين): “إن الهدف من ذلك حدوث النزاعات بين الفصائل، ونشر الخوف والرعب بين الأهالي، كما أن مناطقنا تعد من المناطق المهمة وأكثر أمانًا من المناطق الأخرى، لذا هم يعملون على خرابها واختلال عجلة الأمن والسلام فيها.”
كيف تتم إدخال السيارات وتفجيرها؟
يتحدث لنا ممثل الفيلق عن العمليات بقوله: “تتم صناعة السيارة المفخخة محليًا عن طريق حداد يقوم بإخفاء حمولة المفجرات في مكان غير مرئي لا تتمكن العين المجردة من رؤيتها، أو تتم صناعتها في مدينة منبج وتأتي إلى مناطقنا وتمرُّ على المعابر الواقعة بيننا وبين مناطق النظام مثل معبر (أبو الزندين) حيث يكون هنالك تنسيق بين الجهة المنفذة للتفجير وبين عملاء في الداخل يستلمون السيارة المفخخة التي تكون مزودة بجهاز تفجير عن بُعد، وتوضع السيارة في أماكن التجمعات ويفجرها العميل عن بُعد بمسافة لا تتجاوز 200/300 متر.
كما في إحدى المرات تم الكشف عن سيارة نوع سوزوكي ملغمة على أحد الحواجز الموجودة لنا، كان فيها رجل وزوجته يرتعشون خوفًا عند وصولهم للحاجز، وتبين بعد فحص السيارة أنها كانت تحمل متفجرات وجهاز تفجير عن بُعد للقيام بالعملية، ولكننا قبضنا عليهم قبل الضغط على زر التفجير، وحُكم عليهم بالإعدام بسبب مشاركتهم بالعديد من التفجيرات التي راح ضحيتها العديد من الناس الأبرياء.”
ما هو ردكم على من يتهم الجيش الوطني بالمرتزقة ولهم دور بالتفجيرات كالفنان (عبد الحكيم قطيفان) ؟
ردَّ (عكاش) على تلك الاتهامات بقوله: “إنني من أهالي هذا البلد وأهله، كيف لي أن أقوم بإيذائهم أو إيذاء نفسي وعائلتي؟! لقد قطعنا عهدًا على أنفسنا أن نحاسب كل من يقوم أو يشارك بهذه التفجيرات، أو يشارك بإيذاء بلده، ولن نسكت أبدًا عن أي إساءة لشعبنا وأرضنا وعرضنا”.
كما ردَّ (حميدي): “لا يمكن لأي أحد، ولو كان طفلًا صغيرًا أن يصدق تلك الاتهامات الباطلة، وهذا الكلام غير معقول إطلاقًا، كما أن الجيش الوطني عزز حواجزه ووجوده بكل المراكز الحساسة، وله دور كبير أيضًا في تعقب هؤلاء القتلة، وغير مقبول أن يصدر عن شخص اسمه (عبد الحكيم قطيفان) هذا التصريح.”