عبد الملك قرة محمد |
كغيرها من المراحل السياسية قَسَمت اللجنة الدستورية السوريين قسمين، أحدهما معارض لها يراها خدعة روسية، والآخر ينظر إليها على أنها بوابة لإيجاد حل يرضي جميع الأطراف.
صحيفة حبر فتحت ملف اللجنة الدستورية، وأجرت لقاءات مع عدد كبير من أبرز السياسيين والعسكريين والقانونيين السوريين لبحث موضوع اللجنة الدستورية والتعرف على موقفهم وتوقعاتهم المستقبلية لهذه اللجنة.
ما هي اللجنة الدستورية؟
لجنة معنية بوضع دستور جديد لسورية، بعد حربٍ طويلة بين النظام والمعارضة في ميادين القتال وأروقة السياسة، وبعد تفاهمات أطراف دولية ضغطت على كافة الأطراف للقبول بالأمر الواقع.
ووضعت الأمم المتحدة ترتيباً خاصاً لهيكلية اللجنة الدستورية، بحيث تضمن من خلالها موافقة النظام والمعارضة معاً.
تضمن الترتيب أن تكون اللجنة مؤلفة من 150 عضواً، حصة النظام السوري منهم 50 عضواً، و50 آخرين تختارهم كيانات المعارضة السورية، بينما يتبقى 50 عضواً اختارتهم الأمم المتحدة بهدف رفد الآراء من ممثلين عن منظمات المجتمع المدني.
وقد تم الإعلان عن مجموعة ال 15 شخصًا من كل قائمة التي ستُكوِّن اللجنة التنفيذية المصغرة التي ستتولى أعمال إعداد الدستور بشكل مباشر وهي:
▪ وفد المعارضة:
هادي البحرة – جمال سليمان – صفوان عكاش – قاسم الخطيب – مهند دليقان – طارق الكردي – بسمة قضماني – ديمة موسى – محمد نوري أحمد – هيثم رحمة – كاميران حاجو – عوض العلي – أحمد العسراوي – حسن الحريري – يوسف قدورة
▪ وفد منظمات المجتمع المدني:
موسى متري – علي عباس – ميس كريدي – ماهر مانلادي – سونيا الحلبي – عصام الزيبق – سمر الديوب – أنس الزريع – عبد العزيز الحلاج – خالد الحلو – مازن غريبه – إيلاف ياسين – إيمان شحود – رغداء زيدان – صباح الحلاق
▪ وفد النظام:
أحمد الكزبري – أمل فؤاد يازجي – أحمد محمد فاروق عرنوس – جميلة مسلم الشربجي – دارين عبد السلام سليمان – محمد خير أحمد العكام – جمال عبد الرزاق قادري – محمد عصام أحمد هزيمي – رياض علي طاووز – نزار علي سكيف – غسان سليمان عباس – عبد الله محمد السيد – محمد أكرم العجلاني – أمجد ياسين عيسى
أما بقية ال 50 في كل قائمة سينحصر عملهم في التصويت على المواد الدستورية والتصديق عليها أو رفضها وطلب التعديلات، ولن تمر أي مادة دون موافقة.
وستكون مضامين الدستور في 11 باباً، ومن أهمها أبواب الحقوق والحريات، وطرق انتخاب وصلاحيات السلطات الثلاث التشريعية والقضائية والتنفيذية، إضافة إلى الأبواب المتعلقة بالمؤسسات الأمنية والعسكرية والأحكام الانتقالية المتعلقة بالمعتقلين والمفقودين والمتضررين، وهيئة العدالة الانتقالية وإعادة الإعمار وتنظيم الانتخابات.
لكن هل المشكلة في الدستور؟ وكيف ستعمل اللجنة الدستورية على تحقيق مطالب السوريين؟
على خلفية إعلان اللجنة الدستورية تساءل سوريون هل مشكلتنا في الدستور أم في تطبيق الدستور؟
الأستاذ فراس مصري رأى في حديثه مع حبر أن المعارضة وافقت على تشكيل اللجنة الدستورية وكتابة دستور جديد للبلاد ضمن شرط أنه لا يتم الاتفاق على شيء حتى يتم الاتفاق على كل شيء، بالتالي فإن إنتاج دستور جديد لا يتم إقراره والعمل به إلا بتنفيذ كافة البنود الواردة في القرار 2254″
وأضاف الأستاذ فراس: “أن اللجنة الدستورية وحتى الدستور المرتقب لن يلبيا مطالب السوريين، فكما قلنا في البداية مطالب السوريين هي حقوقهم بالحرية ورفع الاستبداد والعدالة التي لن تتحقق إلا بتغيير النظام القاتل الذي لا يمكن أن ينتج حرية أو عدالة.
أما وأن اللجنة الدستورية أصبحت واقعاً ربما نعذر المعارضة بقبوله نتيجة تراكمات من الأخطاء التي يتحمل مسؤوليتها كل من تولى مناصب سياسية أو عسكرية أو اجتماعية، وكذلك الحلفاء والأصدقاء من الدول التي غيرت موقفها من التسوية السياسية التي تحقق طموحات وتطلعات السوريين.”
ودعا المصري إلى دعم ممثلي المعارضة والمجتمع المدني الوطنيين الموجودين في اللجنة بما يقوي مواقفهم للوصول إلى دستور سوري يرفض الاستبداد والديكتاتورية.
ولفت في معرض حديثه مع صحيفة حبر إلى أن اللجنة الدستورية تشكلت رغمًا عن النظام وآلمته؛ لأنها أول خطوة في الثورة السورية تنتزع السيادة الدولية من النظام لاضطراره للموافقة على كتابة دستور خارج دمشق وبمشاركة من يصفهم النظام بالإرهاب وبإشراف الأمم المتحدة لدرجة لجوء النظام إلى تهديد أعضاء اللجنة بأهاليهم الموجودين في سورية.
في حين ذهب الشيخ حسن الدغيم أن “كتابة الدستور حتى لو كان أفضل دستور في العالم فإنه لن يكون قادراً على تفكيك أجهزة القمع وإسقاط النظام وتمكين السوريين والسوريات بالاختيار السياسي دون إكراه أو وصاية”.
وبحسب الدغيم، فإن المجتمع السوري لا يرى أن المشكلة في الدستور، بل في الأجهزة التي تحكمه منذ خمسين عاماً، ويصعب على اللجنة الدستورية إقناع السوريين أنها تمثلهم”.
أما الدكتور ياسر العيتي فقد قال: “إن معظم الذين خرجوا في الثورة لا يرون أن المشكلة في الدستور؛ لأنهم لم يخرجوا ضد الدستور بل خرجوا ضد السلطة التي تطبق الدستور.”
أما الدكتورة رغداء زيدان وهي عضو في اللجنة الدستورية، فقد أكدت أن “اللجنة ستعمل على تطبيق الدستور السوري الجديد بكل ما يمكنه تحقيق العدالة وتداول السلطة وفصل السلطات، وكلما استطاع الأعضاء الموجودون التوافق على مطالب السوريين استطعنا تقديم دستور يضمن للسوريين مطالبهم بشكل عادل.”
وتأمل الدكتورة رغداء أن تقدم اللجنة الدستورية ما يمنح السوريين ثقة بأعضاء هذه اللجنة وعملها وتكون مخرجاتها موافقة لما يتطلعون إليه”.
بدوره عبَّر الدكتور رياض نعسان آغا عن رأيه بدور اللجنة الدستورية في تحقيق مطالب السوريين بقوله: “لا أعتقد أن النظام سيعطي الشعب شيئاً من مطالبه عبر العمل السياسي، ولن يخسر في السياسة ما ربحه في الحرب، هو يرى نفسه منتصراً على الشعب، وليس محتاجاً لتقديم أي تنازلات إلا إذا تعرض لضغط دولي جاد”.
من جهته رأى الدكتور برهان غليون أنه “يُراد لوثيقة الدستور التي ستخرج عن هذه اللجنة أن تكون كفنًا لثورة الحرية والكرامة السورية، ومدفناً لمطالب شعب سورية العظيم وحقوقه التي لا يمكن التنازل عنها، وهذا ما لم ولن تستطيع هذه اللجنة الدستورية المزورة أن تحققه مهما كانت نتيجة أعمالها، وصيغة الدستور التي ستتفق عليها.”
وأردف غليون: “على أولئك الذين قبلوا أن يعملوا على هامش أجندة الاحتلالات المتعددة وتحت جناح هذه الدول، بما فيهم ممثلي النظام القاتل، أن يدركوا أن أي مسودة دستور ستخرج من بين أيديهم يمكن أن تكلف سورية غاليًا وتجعلها دائمًا تحت وصاية الدول الراعية للجنة والمتحكمة بتكوينها وترهن مستقبل تطورها السياسي باتفاقيات ذات شرعية دولية تحرم الشعب من إمكانية التغيير المنشود ليس الآن فحسب وإنما في المستقبل أيضاً.”
ولم يثق العميد أحمد رحال باللجنة الدستورية حيث قال: “لا ثقة لي بأن تلك اللجنة ستنتج شيئًا، والغاية تضييع الوقت، ووفد النظام لا يجرؤ ولا يملك صلاحية إقرار أي فقرة تمس بشار الأسد، والأمر الأهم أن طريقة التصويت تمنع من إقرار أي بند يخالفه ربع اللجنة.”
كما أن الأستاذ ميشيل كيلو رأى أن فرص نجاح اللجنة الدستورية قليلة جداً ولا تتجاوز فرص نجاحها 5% وتحتاج ميزان القوى وعلاقات خارجية وموقف واضح من الأمم المتحددة.”
اللجنة الدستورية هل خالفت القرار 2254 أم انبثقت عنه؟
ما هو القرار 2254؟
قرار صوت عليه مجلس الأمن يوم 18 ديسمبر/كانون الأول 2015 ينص على بدء محادثات السلام بسورية في يناير/كانون الثاني 2016، وبينما أكد أن الشعب السوري هو من يقرر مستقبل البلاد دعا لتشكيل حكومة انتقالية وإجراء انتخابات برعاية أممية مطالبا بوقف أي هجمات ضد المدنيين بشكل فوري.
وتضمن القرار الذي يحمل رقم 2254 ، وهو مشروع قرار أميركي، عددًا من البنود، فقد اعتمد بيان جنيف، ودعم بيانات فيينا الخاصة بسورية، باعتبارها الأرضية الأساسية لتحقيق عملية الانتقال السياسي بهدف إنهاء النزاع في سورية، وشدد على أن الشعب السوري هو من سيحدد مستقبل سورية.
ونص القرار على دعوة الأمين العام للأمم المتحدة ممثلي النظام والمعارضة السوريَّين للمشاركة “على وجه السرعة” في مفاوضات رسمية بشأن مسار الانتقال السياسي، على أن تبدأ تلك المفاوضات مطلع يناير/كانون الثاني 2016 “بهدف التوصل إلى تسوية سياسية دائمة للأزمة”.
المحامي أنور البني عدّ اللجنة الدستورية “مجرد لعبة لتقطيع الوقت ومنح شرعية جديدة للنظام وإلغاء لكل مفاعيل القرار ٢٢٥٤ وبيان جنيف وهي خيانة لمطالب الشعب السوري.”
بالمقابل فقد أوضحت الدكتورة رغداء زيدان” عضو اللجنة الدستورية “بالنسبة إلى القرار 2254 فاللجنة أساساً شكلت انطلاقاً من هذا القرار الذي يتضمن السير بالعملية السياسية وتشكيل هيئة حكم انتقالي وإجراء انتخابات وتأمين بيئة آمنة وإطلاق المعتقلين وإعلان وقف إطلاق نار في سورية”.
وقد أكدت في كلمتها أمام اللجنة الدستورية على ذلك حيث جاء فيها: ” أحب أن أذكركم بالقرار 2254 الذي جاء فيه دعم عملية سياسية بقيادة سورية تُيسرها الأمم المتحدة وتُقيم حكماً ذا مصداقية يشمل الجميع ولا يقوم على الطائفية، هذا الحكم الذي فسره بيان جنيف والقرار 2118 على أنه هيئة حكم كاملة الصلاحيات التنفيذية، والمتضمنة تحديد جدول زمني وعملية لصياغة دستور جديد، ودعم انتخابات حرة ونزيهة تجرى، عملاً بالدستور الجديد، ووقف إطلاق النار في جميع أنحاء سورية، والإفراج عن أي محتجز بشكل تعسفي، لا سيما النساء والأطفال، وتوقف أي هجمات موجهة ضد المدنيين والأهداف المدنية، بالإضافة إلى تهيئة الظروف المواتية للعودة الآمنة والطوعية للاجئين والنازحين داخليًا إلى مناطقهم، نحن اليوم نقوم بالعمل على أحد بنود القرار، الذي يسبقه بنود وتتبعه أخرى، لذلك أحب أن نضع هذا في حسابنا، فنحن نقوم بأحد خطوات الحل السياسي المطلوب لتعافي سورية، وفق قرار أممي متفق عليه، وكان أساساً في تشكيل هذه اللجنة التي تجتمع اليوم”
ميشيل كيلو اتهم بيدرسون بأنه يخالف القرار 2254 بكل كلمة يقولها، فعلى سبيل بيدرسون يقول: إنه من غير مهم فيما إذا كان الدستور جديداً أو بقي الدستور القديم كيف يكون تغيير الدستور غير مهم وهو ما نصَّ عليه القرار 2254؟
من جانبه فصّل الأستاذ فراس مصري العلاقة بين اللجنة الدستورية والقرار 2254 بقوله: “أطلق البعوث الخاص ديمستورا في جنيف 4 خطوات تنفيذية للقرار 2254 وسماها السلال الأربعة وهي (سلة الحكم، وسلة الإرهاب، وسلة الدستور، وسلة الانتخابات) ثم قرر ديمستورا إحياء المسار من سلة الدستور والدعوة إلى تشكيل لجنة دستورية لكتابة دستور جديد يمهد لانتخابات ضمن بيئة آمنة ومحايدة.”
وأشار المصري إلى أن مطالعة ديمستورا حول اللجنة الدستورية كانت سابقة لمؤتمر سوتشي لكن مخرجات سوتشي ثبتت الاتفاق على تشكيل اللجنة الدستورية وإقرار المبادئ الحية الـ 12.
وختم بقوله: “إن موقع اللجنة الدستورية من القرار 2254 هو كتابة دستور ما قبل الانتخابات، لكن للأسف فقد تقدم على سلة الحكم وعلى إنهاء معاناة المدنيين وعلى وقف إطلاق النار وعلى إطلاق سراح المعتقلين.”
الدكتور رياض نعسان آغا قال: “إنه ليس متفائلاً بإمكانية أن تحقق اللجنة الدستورية حلاً سياسياً، وما يزال التهرب من تشكيل هيئة حكم دليلاً على تهرب قادة المجتمع الدولي من تنفيذ قراراتهم التي اتخذوها في مجلس الأمن. بداية الحل واضحة، وهي تشكيل هيئة حكم انتقالي كما نص القرار 2254.”
كيف ستنعكس مقررات اللجنة الدستورية على الوضع الإنساني في سورية؟
صحيفة حبر التقت مدير الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) السيد رائد الصالح الذي قال: “قرأت كلمات بعض أعضاء اللجنة الدستورية، ونحن نتابع ما يحصل في إدلب ولم نلحظ اهتماماً وتنويهاً لذلك إلا من قبل عدد قليل منهم.”
وأضاف الصالح أن “مبعوث الأمم المتحدة قال في اجتماع بنيويورك: إنه سيتم البدء بإجراءات بناء الثقة والأرضية الآمنة.” وهنا تساءل الصالح: “ماهي إجراءات بناء الثقة؟ وما الأرضية الآمنة؟ هل هي استمرار احتجاز آلاف المعتقلين؟ أم هي استمرار القصف على المدنيين؟”
ورأى الصالح أن “اللجنة لا تعمل على تحقيق مطالب السوريين، فمطالب السوريين واضحة، وفي ظل الكارثة لن تستطيع اللجنة الدستورية تقديم أي شيء.”
ونوه الصالح إلى أنه “في حال قبل الشعب السوري في الدستور المقدم من قبل اللجنة فنحن معه ولن نكون إلا مع الشعب السوري.”
من جهته دعا الأستاذ فراس المصري إلى عدم القبول بالوقوف عند محطة اللجنة الدستورية ثم الانتخابات دون تحقيق باقي البنود الإنسانية وإطلاق سراح المعتقلين وإنشاء هيئة الحكم الانتقالية التي من مهامها إجراء انتخابات عادلة وشفافة ضمن بيئة آمنة ومحايدة.
بدوره ذهب الدكتور برهان غليون أن البدء بإطلاق اللجنة ما هو إلا نتيجة للتوصل إلى ما يشبه تسوية مؤقتة أو تهدئة على الجبهتين بعد أن تحقق الفصل بين تركيا وقسد في الشرق وتركيا والنظام في الغرب. الاحتمال الأكبر أن تبقى الأمور على حالها خلال الفترة القادمة حتى يمكن تشغيل الجبهات في إطار الضغوط المطلوبة أثناء صياغة اللجنة الدستورية أيضًا.
أما الدكتور رياض نعسان آغا فقد أكد أن اللجنة معنية بوضع مسودة دستور فقط، وليس بوسعها إطلاق سراح المعتقلين أو منع النظام من الانتهاكات، هذه مهمة مجلس الأمن حين يكون صادقاً في تنفيذ القرار 2245.
الأستاذ ميشيل كيلو رأى أن “اللجنة الدستورية لا ترتبط بما يحدث في إدلب” وأردف: “بما أن النظام مهتم بشرق الفرات، فلن يستطيع خوض معركة إدلب.” ورأى كيلو أن اللجنة تجتمع لتختلف لا لتتفق.
وأكد الدكتور ياسر العيتي أن السوريين غير راضين على اللجنة الدستورية، والنظام سيستخدم هذه اللجنة لكسب الوقت والمضي إلى الحل العسكري، والمعارضة لم تحصل على أي ضمانات من نظام الأسد.
اللجنة الدستورية.. العقبات والآمال
تواجه اللجنة الدستورية عقبات كثيرة هي من وجهة نظر عضو اللجنة الدستورية من وفد المجتمع المدني الآنسة رغداء زيدان تتلخص في التعطيل ومحاولة وفد النظام تعطيل عمل اللجنة، بالإضافة إلى بعض الأعمال الإجرائية التي لم تتضح حتى الآن التي تحتاج إلى مفاوضات وصبر كبير.
أما برأي الأستاذ فراس مصري فالعقبات التي تواجه عمل اللجنة الدستورية هي عدم جدية النظام في الوصول إلى تسوية سياسية ومحاولاته الدائمة لتعطيل المسار السياسي، مراهناً على قضمه العسكري للجغرافية السورية ووضع المجتمع الدولي تحت الأمر الواقع ليعاد تعويمه. ومن الجلسة الأولى كان واضحاً تشبيح أعضاء وفد النظام ومحاولاتهم إثارة الفوضى.
ويعتقد الدكتور رياض نعسان آغا أن اللجنة الدستورية واجهت بعد حديث بشار الأسد يوم الخميس مفارقات عجيبة، فقد نزع الشرعية عن وفد النظام، وقال: إنه لا يمثل الحكومة السورية وإن كانت تدعمه، بمعنى أنه غير مفوض ولا تلتزم الحكومة السورية بنتائج عمله، وكذلك اعتبر وفد المعارضة مجموعة عملاء، وعدم الاعتراف بالوفدين معاً يجعل عمل اللجنة نوعاً من المناقشات العامة، التي لا تمتلك قدرة الوصول إلى حل تقبل به كل الأطراف”.
ودعا الشيخ حسن الدغيم إلى تحويل اللجنة الدستورية إلى جمعية وطنية تستطيع وبقرار وولاية من نفسها أن تنتخب مجلسًا وطنيًا انتقاليًا كامل الصلاحيات بمعزل عن نظام الأسد، هنا يمكننا القول: إن اللجنة الدستورية أصبحت فرصة أمام السوريين للاستفادة من الحل السياسي.
من جانبه قال الدكتور ياسر العيتي: “إن الحل الوحيد هو العودة إلى القوانين الدولية ذات الصلة وتشكيل هيئة حكم انتقالي تمهد لبيئة آمنة تقتضي إخراج المعتقلين عندها يمكن الحديث عن الدستور”.
أما الأستاذ ميشيل كيلو فرأى أن اللجنة الدستورية لن تصل إلى أهدافها ولن تكون أكثر نفعاً للسوريين إلا إذا نجحت في إقناع العالم بعدالة قضيتهم وجعلته يراجع مواقفه من ثورتهم.”
وقد رأت الأستاذة هدى سرجاوي عضو اللجنة الدستورية أن “العملية الدستورية ليست الحل والغاية، وإنما هي مفتاح للعملية السياسية التي نأمل من خلالها إيقاف الحرب وإنهاء مأساة الشعب السوري من خلال الانتقال السياسي.” وقد أكدت في كلمتها أمام اللجنة الدستورية على إيقاف القصف الفوري على المدنيين في إدلب والإفراج عن المعتقلين بشكل عاجل كخطوتين أساسيتين لبناء الثقة.
الجدير بالذكر أنه في هذه الأثناء تجري اجتماعات اللجنة الدستورية في مقر الأمم المتحدة بجنيف.
ويوم أمس الجمعة أقرت اللجنة الدستورية مدونة السلوك لأعضائها داخل قاعة الاجتماعات، والممارسات الإجرائية الأولية للرئيسين المشتركين للجنة الدستورية (هادي البحرة من طرف المعارضة، وأحمد الكزبري من طرف النظام).
وطرح أعضاء اللجنة الدستورية التعريف بأنفسهم، ورؤيتهم لدستور سورية المستقبل، من خلال مداخلاتهم، وأكد ممثلو هيئة التفاوض في اللجنة الدستورية على أهمية صياغة دستور عصري يحفظ حقوق كافة فئات ومكونات المجتمع السوري ويضمن حريتهم وكرامتهم.
كما أكدوا على استعدادهم للانخراط بشكل كامل بالعملية الدستورية وذلك تطبيقاً لما جاء في القرارات الأممية ذات الصلة، وعلى رأسها بيان جنيف والقرار 2254، على اعتبار أنها خطوة على درب الوصول إلى حل سياسي شامل بحسب الائتلاف الوطني.