حسن كنهر الحسين |
بقِدر معدني كبير يُركَن على نار متقدة، وعصا خشبية طويلة تستخدم للتحريك، يبدأ (عبد الله الخطيب) أبو محمد من مدينة (كفر نبل) رحلته اليومية مع صناعة الصابون البلدي في مكان نزوحه في بلدة (التلول).
يقول (أبو محمد): “المهنة تحتاج جهدًا عضليًا وتكاتفًا جماعيًا ودقةً في وضع المقادير.” حيث يتشارك في صنع الصابون البلدي مع عائلته ويتبادلون تحريك الزيوت ضمن ذلك القدر المعدني الكبير لمنع احتراق الأجزاء السفلية منه، وضمان اختلاط المواد بشكل جيد.
طريقة صناعة الصابون البلدي
يشرح أبو محمد طريقة التحضير بقوله: ” تبدأ صناعة الصابون بعد إفراغ كمية من الماء تقدر بخمسة إلى سبعة لتر من الماء داخل القِدر بحسب طبيعة الزيت المراد تصنيعه، ثم ننتظر المياه حتى تفتر ونقوم بإضافة 2.5 كيلو غرام من مادة الصودا (القترونة) التي تساعد في تجميد الزيوت وتحويله إلى صابون، ومن ثم نقوم بتحريك الصودا بالماء حتى يتم تذويبها بشكل جيد، ثم نفرغ بعدها كمية الزيوت المراد تصنيعها ببطء، ويقوم شخص آخر بتحريك تلك الزيوت حتى يتم تخليطها بشكل جيد مع الماء والصودا، وبعد مضي 20 دقيقة يصبح الخليط لزجًا، ونضيف كمية قليلة من زيت الغار ومعطرات برائحة الياسمين أو الليمون، ويفضل ألَّا تتأثر بالحرارة كي لا تفقد خاصيتها، كما يتم إضافة القليل من زيت حبة البركة وزيت بذور القطن، ويتم إضافة القليل من الماء بين الفترة والأخرى لسهولة التحريك “.
ما الزيوت المُستخدمة في صناعة الصابون البلدي؟
يوضح (أبو محمد): “هناك نوعان من الزيوت التي تستخدم في تحضير الصابون البلدي، حيث غالبية الأهالي يلجؤون إلى الزيت المُستخرَج من البيرين، نظرًا لرخص ثمنه، حيث تساوي التنكة 16 كغ 16000ل.س، كما أن هنالك زيت الزيتون القديم ذو الأسيد المرتفع، ويتراوح سعر الكيلو بين الـ1400ل.س والـ 1800ل.س بحسب نسبة الأسيد.”
ما إن ينتهي (أبو محمد) من تحضير الصابون حتى يقوم برفقة أحد أبنائه بحمل القِدر المعدني، حيث يعمدون إلى إفراغه ضمن قالب خاص مفروش بسطح بلاستيكي، ويتم تسوية سطحه الخارجي لإكسابه النعومة من كافة أطرافه، وبعد مضي ساعتين أو ثلاثة يُقطَّع القالب بواسطة أداة حادة (سفوت) إلى ألواح متناسقة، ويتم إبقاؤها في مكانها ضمن القالب حتى اليوم التالي كي تجف بشكل كامل.
الواقع الحالي لصناعة الصابون البلدي
يقول العاملون في صناعة الصابون البلدي إن تلك الصناعة تراجعت في السنوات العشر الأخيرة؛ نتيجة الحالة المادية المتردية لغالبية الأهالي، وظهور معامل المنظفات وانتشارها بشكل واسع، كما أن تلك المعامل تتيح للأهالي شراء الكمية التي يريدون على عكس الصابون البلدي الذي يلزم الأشخاص بتحضير تنكة من الزيت على أقل تقدير.
يقول (عبد الله أبو محمد): “كنت سابقًا أحضِّر أربع تنكات أو خمس من الزيوت بشكل يومي، أما الآن فقد تراجعت تلك الصناعة بنسبة 95 %، حيث أحضِّر تنكة من الزيوت كل يومين أو ثلاثة بحسب الطلب.”
تكلفة الصابون البلدي
يتقاضى أبو محمد 5$ لقاء تحضير التنكة الواحدة من الزيت، ويتم إضافة كمية من زيت الغار الذي وصل سعره إلى 10000ل.س، و2.5 كيلو من الصودا، وعلبة معطر برائحة الليمون أو الياسمين بسعر 1500 ل.س، وبعض الزيوت المنوعة وجميعها يتم إضافتها من ضمن الـ 5$ ، وأما سعر تنكة الزيت فهو 16000 ل.س، وتصل تكلفة تنكة الزيت كاملة إلى 36000ل.س.
وتنتج التنكة ما بين 18 إلى 20 كغ من صابون الغار البلدي، أي ما يقارب 1800ل.س للكيلو الواحد، ويُعدُّ السعر جيدًا بالمقارنة مع أنواع صابون المعامل التي يتم بيعها في محلات المنظفات.
وبحسب (محمد جمال) أحد تجار المنظفات، فإنه يوجد العديد من أنواع الصابون، حيث يتراوح سعرها ما بين 2500 حتى 4500ل.س، وذلك بحسب جودتها ونسبة زيت الغار والمواد الموجودة فيها، وجميعها يتم تصنيعها بطريقة الخلط البارد.
وبالرغم من تراجع صناعة الصابون البلدي والطلب عليه، إلا أن الكثيرين يفضلونه على المصنَّع بالمعامل.