ميسم نجار |
كثيرًا ما تعاني النساء حول العالم من العنف الجسدي والنفسي وقلة فهم البيئة المحيطة لهنَّ، لاسيما من قبل ولاة الأمر عليهنّ من آباء وأزواج، إذ إن إنهم يجهلون أنَّ التعامل مع المرأة بمنزلة التعامل مع منديل أبيض رقيق لا ينفع استخدامه بقوة ولا بلين زائد.
(فاطمة) سيدة سوريّة الأصل والمنشأ إحدى ضحايا التعنيف الزوجي، وهي تعتبر من سيدات المجتمع الشرقي الذي يتميز عمومًا بانقسام المرأة فيه إلى طبقة عالية الرفاهية وطبقة متوسطة وطبقة معنَّفة، تقول (فاطمة): “أعمل في معمل لصناعة الخيوط وأنفق على عائلتي المكونة من ثلاثة أطفال أصغرهم معاق إعاقة حرب بسبب شظية دخلت يده، وعملي يأخذ مني أوقاتًا طويلة لإعالتهم وتأمين مستلزمات البيت، لكن رغم كل هذا أتلقى معاملة سيئة في منزلي من زوجي العاطل عن العمل ذو المزاج الصعب للغاية، فعندما أمتنع عن إعطائه النقود من أجل ملذاته الشخصية ، للسجائر والإنترنت للهاتف الجوال وغيرها، يقوم بضربي وربطي وحرقي بعيدان السجائر وشتمي بأبشع الشتائم وحبسي بغرفة، بينما أطفالي يتعرضون للعقوبة معي بغرفة ثانية”. ومع كل هذا العنف (فاطمة) راضية من أجل أطفالها بالرغم من انعدام الإنسانية في قلب الزوج.
أما (لينا) فتمَّ تعنيفها نفسياً وعلى حد وصفها: “ذلك أشدّ وقعاً عليَّ من العنف الجسدي”. فهي فتاة بعمر الورد، تقول: “والدي يجبرني على أعمال لا أرضى بها أبدًا، يوقظني كل صباح أنا وإخوتي كي نخرج للشوارع لطلب المساعدة من الناس، وعند أبواب الجامعات، والمساجد وغيرها” تكرر بحرقة قلب، ودموعها تنهمر من عيونها:” لا أطيق هذا لأني أسمع كلامًا بذيئًا وشتائم من الناس عند طلب المساعدة، وهناك من يقوم بطردي” تقول مُتبعةً:” هناك شيء يُقتل بداخلي، أحلامي وطموحاتي، وأفكر في الانتحار دائمًا، أصبحت أكره جميع الرجال بسبب تصرفات والدي”. (لينا) واحدة من آلاف النساء المعنفات في وقتنا الحاضر، وظروفنا الصعبة. وفاطمة ضحية القيم العشائرية التي لا تسمح للمرأة بشيء، وتحرم عليها أي شيء حتى لو كان حقها، وتعلي من شأن الرجل، وتبقي التمييز الجنسي على رأس كل شيء، مع كل هذا التقدم والتطور، تبقى هذه الهمجية والجاهلية حاكمة وترفض أن تزول هذه الأفكار.
الدكتورة (زاهية قرا) في حديثٍ خاص أكدت أن: “نسبة المرضى الذين يدخلون إليَّ 33%هنَّ نساء معنفات إما من أزواجهنَّ أو آبائهنَّ أو أولادهنَّ”. وتقول: “المجتمعات المتقدمة التي أعطت المرأة حقها الكامل، بعدم التعرض لها وضربها وتعنيفها، أصبحت هي والرجل جنبًا إلى جنب، لا فرق بين الاثنين على عكس مجتمعاتنا الشرقية التي لم يعطوا فيها للمرأة حقها إلا قليلاً”.
إن نجاحات الرجل في مجتمعنا كلها مذكورة، أما المرأة فلا تذكر، والمرأة العاملة بالنسبة إلى الذكور هي عبارة عن امرأة مسترجلة منبوذة من المجتمع، فهي بنظرهم يجب أن تكون ربة منزل فحسب. أعتقد أنه علينا أن نقوم بحملات مناصرة وتمكين للمرأة، وعلينا القيام ببرامج نوقظ فيها حماس المرأة، وتعليمها أن تكون صاحبة قرار ترفض الذل والخوف من العقول المتحجرة، ولنكن نحن النساء جنباً إلى جنب، دعم المرأة لا يحتاج إلى شيء، إنما فقط يحتاج إلى عقول راقية، متسامحة، متفهمة لها، فلنكن عونًا لآلاف السيدات المعنفات.