سعود الأحمد
على مدار عقود طويلة بقيت منطقة الشرق الأوسط بما تضم من بلدان عربية وإسلامية حقلا خصبا لمشاريع وسياسات ترسمها الأيادي الأجنبية والأمريكية الساعية إلى السيطرة على الطاقة والمال وتحقيق أمنها القومي، بدءا من عهد الرئيس الجمهوري (جيرالد فورد 1913م-2006م)، انتهاء بـ (باراك أوباما) الذي تميزت ولايته بنتائج وخيمة على العرب والمسلمين عامة.
ويبدو أنَّ مصير المنطقة ما زالت في يد غير أبنائها، وهي بالتحديد على طاولة الرئيس الأمريكي الجديد، فقد أشار (دونالد ترامب) بأنَّ هناك مشروعا سيحل قضية الفلسطينيين وكثيرا من مشاكل الشرق الأوسط، والجديد أنَّ هذا المشروع سيعد في مطبخ السيد (جاريرد كوري كوشنر) رجل الأعمال الأمريكي اليهودي وزوجة الحسناء (إيفانكا ترامب)، فهو صهر الرئيس ومستشاره والموكل إليه عملية السلام في الشرق الأوسط، وإلى الآن يبقى المشروع غير معلن عنه بتفاصيله، إلى ما قيل بأنَّه سيعمل على مؤتمر دولي إقليمي لتناول القضايا الساخنة.
وفي ظلِّ سعي البيت الأبيض إلى وضع مشروعه وتنفيذه والحديث عن الاستراتيجيات الدولية والصراعات الإقليمية على أرضنا السليبة، تظهر استراتيجيات البلدان الإسلامية والرؤى العربية كما ظهرت في قمة البحر الميت على وجوه حكامها ما بين ميت أو شبه ميت، وبين ساقط أو متدحرج، وبين من غلبه النعاس فغط في سبات عميق، ويبقى العربي هو الغائب الوحيد عند أخذ القرارات المصيرية، ولا يدعى بعد نضج الطبخة إلا لغسل الصحون كما أخبرنا الشاعر السوري (محمد الماغوط 1934-2006م) قديما.
ومهما يكن من أمر فإنَّ الخطأ الأمريكية تتجه إلى هدفين ربما يكونان من الأولويات، الأول هو إلحاق الهزيمة بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، والحرص التام على ألا يؤدي ضمورها إلى ولادة تنظيم آخر متطرف أو أشد تطرفا، والثاني هو وضع خطة محكمة حول كيفية التعامل مع المعارضة السورية بكافة أشكالها واتجاهاتها، أمَّا فيما يخص عرَّاب الإرهاب في المنطقة وصانعه الأول وهو النظام السوري، فإنَّ الولايات المتحدة ستبقى تنظر إليه على أنَّه موضوع قابل للتأجيل.
ويبدو من المنطقي أيضا أن تبحث الإدارة الأمريكية في إمكانية التعاون العسكري المشترك مع روسية، مع التشديد على ضرورة إيقاف العمليات الهجومية التي تقوم بها روسية على المعارضة المدعومة من قبل الولايات المتحدة، وحصر الأهداف العسكرية بمناطق وجود تنظيم الدولة (داعش) وتنظيم القاعدة (جبهة فتح الشام)، وعلى روسية أيضا الحد من سيطرة النفوذ الإيراني في سورية، لأنَّ امتداده سيعمق الفجوة أكثر بين أمريكا وحلفائها السنة.
أمَّا إذا لم تولي الإدارة الأمريكية عناية بالتعاون مع الجانب الروسي واكتفت بالتركيز على حربها مع حلفائها القدامى على تنظيم الدولة مع عدم الالتفات إلى نظام الأسد فلا بدَّ من أنَّها ستواجه استمرارا للوجود الإيراني والميليشيات الطائفية في سورية لمدة طويلة من الزمن، فالخطة الاستراتيجية لإيران بعيدة المدى وتعمل على تثبيت أقدامها في سورية المفيدة، وفتح ممر يصلها بلبنان معقل حزب الله اللبناني.
ومهما يكن فإنَّ المشروع الأمريكي قيد الوضع والدراسة والمشاريع العربية ما زالت تبحث في سبب سقوط ولي الأمر على الأرض في القمة الأخيرة وربَّما تجري التحقيقات في الموضوع، وتطالب بتخصيص فترات طويلة من النوم للحكام العرب الساهرين على سرقة الشعوب وتكميم أفواهها.