بقلم محيي الدين الراشدكانت أسطورة طرزان قصة خرافية تشوق الكبير والصغير، لكنَّها أصبحت اليوم واقعية، فها هو الشعب السوري يتسلق الأشجار، ويجوز الأنهار، ويعبر الخنادق والأسوارعلى حدود تركية هربا من همجية النظام الوحشي، ورغبة بحياة الرغد والأمن، بدأت رحلتنا الساعة الخامسة فجرا، حزمنا أمتعتنا وخرجنا مع خيوط الفجر الأولى.يعلو المركبة طابق من الحقائب السوداء التي تحمل الثياب والمتاع وبعض الذكريات والأحلام. انطلق المركب متهاديا على أطراف الطرق، نرقب هدير الطائرات فوقنا. تزداد سرعة السائق خوفا من رصاص قناص، ساعة، ساعتين، ثلاث، ها قد وصلنا إلى أراضي الزيتون المطلة على جبال طوروس؛ ها هي أسلاك الشوك أمامنا، النساء تركض، والعجائز تتحامل الجهد والتعب، الألم يزداد، يتعثر الرجل المسن فتدوسه الأقدام مسرعة، تقع العجوز التي لم تكن أحسن حالا منه، صراخ الأطفال لا يكاد يهدأ، الشباب في توتر كبير، نتحمل المصاعب والتعب في سبيل الوصول إلى أرض العثمانيين.ها هو خندق الحدود. يبلغ عمقه مترين ونصف. فهوينا في ذلك الخندق، تساقطت النساء والعجائز في تلك الهاوية، ما إن وصلنا إلى قاعها حتى بدأت رحلة جديدة في تسلق أكوام التراب العالية، نرفع بعضنا بعضا، نتحمل المشاق والمصاعب.هذه صورة متكررة آلاف المرات، تحكي واقع الشعب السوري وتصف معاناته، وتصور تحمله وصبره وقوته.