وقد يكون السقوط وشيكاً، والخسران عظيماً، لكن الهزيمة لا تصيب الأمل مع العمل، والقدر لا يعاند العزائم، ومهما بدت الصورة قاتمة في عيون الناس، تبقى في عيون أصحاب الكفاح والنضال مليئة بالوصايا ودَين الدماء، ومشحونة بالعزم على الوصول للأهداف والحرية.
لم تكن الأرض يوماً معياراً للانتصار إلا عندما جعلناها كذلك، ولم تكن الثورة هي الأداة الوحيدة للفعل إلا عندما منحناها إيماناً كاملاً في هذا الطريق، ولن نهزم أمام أهدافنا وحقوقنا إلا عندما نتخلى عن العمل في سبيلها، ونرضى بما يرضى به المهزومون على الأرض، معيشة مذلة، وبعض عفن الذكريات
المنافي ليست أرضاً للراحة والاستقالة، والمهجرون ليسوا أقواماً تمت هزيمتهم، فما زالت الدماء تجري في عروقهم لتمنحهم طاقة على السعي للعودة للديار، ونيل الحرية، واستعادة الحق.
خرجنا من معظم مدننا، ولم تخرج أحلامنا من صدورنا، لم يستطع الموت بكل جبروته هزيمتنا، ونحن الذين قدمنا على مذبح حريتنا آلاف الشهداء، وملايين المعتقلين والمشردين في بقاع الأرض، ومثلهم من اليتامى والأرامل والنازفين أشلاء ودماء من أجسادهم التي تكابر على جراحها وتمضي تجاه حريتها.
إن حقاً استحق كل هذه التضحيات لا تكتب الخسارات مهما عظمت وطأتها نهايته، بل تتلاحق الأجيال في سبيله حتى يستقيم كما أردناه، حقاً عصياً على اليأس والخذلان.
لن نهزم ما دمنا نمتلك العزيمة والإصرار على العمل، ما دمنا نسخر حياتنا من أجل ما آمنا به، ونعلم أبناءنا كيف يفعلون ذلك، إن عمر الظالمين طويل جداً، أطول من أعمار ضحاياهم، لكنهم ليسوا خالدين، أما الحق فهو خالدٌ لا يزول ولا يتبدل مهما تبدل طلابه.
ربما قريباً جداً نكون أمام خيارات صعبة في إيجاد أدوات جديدة لنستمر في كفاحنا، لن يكون ذلك صعباً فقد اختبرنا أشد الأدوات وطأة على أرواحنا وحملناها سبع سنوات ونيف، وإننا جديرون بمتابعة هذا الطريق حتى لو قاتلتنا عليه الجبال، إننا لا نقدر على اليأس، مرهق جداً بالنسبة إلينا أن نستسلم، لم يعد الاستمرار بالنسبة إلينا خياراً نمضي به أو نتركه، إنه عقيدة من تبقى .. ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة.
المدير العام | أحمد وديع العبسي