بقلم ياسمين حاج محمدمجموعة جميلة من الأطفال ينشدون بأصواتهم الندية العذبة (طلع البدر علينا من ثنيات الوداع) مستقبلين دفعة من اللاجئين السوريين الذين أتعبتهم سنوات الحرب وأجبرتهم على الرحيل، هؤلاء الأطفال لا يتكلمون العربية، وليسوا من المدينة المنورة، ولا ينتمون إلى بلادنا العربية الكبيرة بمساحاتها وشعوبها، إنَّهم أطفال كنديون، ولكن تعلموا معنى السلام وتعلموا معنى الإنسانية فأرادوا أن يطبِّقوا ما تعلموه عمليًّا.قيل إنهم لم ينشدوا للاجئين وإنما أنشدوا للتعايش، لا بأس، فالمهم أنهم هزجوا بأصواتهم لفكرة سامية آمنوا بها.ربَّما تغضب هذه الكلمات الكثيرين الذين ينفون الخير في الغرب نفيا مطلقا، أولئك الذين يرون أنَّ ذلك الاستقبال الحافل والمليء بالحب والحفاوة والتقدير ليس لسواد أعيننا، بل لأنَّ الغرب يعمل وفق مصالحه فقط!كم تمنينا لو أنَّ الإخوة العرب عملوا وفق مصالحهم، واستقبلوا المئات من اللاجئين على أراضيهم، وكم تمنينا لو أنَّ ملكًا من ملوك العرب أو رئيسًا من رؤسائهم فعل كما فعلت السيدة أنجيلا ميركل، أو كما فعل الرئيس الكندي الشاب وهو يستقبل الأطفال مرتديا ثيابا تدخل البهجة إلى قلوبهم، أو كما فعلت تركيا شعبا وجيشا وحكومة عندما فتحت بابها لتستقبل أكثر من مليوني لاجئ سوري.لم يفعل العرب ذلك، لأنَّ الدوافع الإنسانية ماتت في قلوبهم مُذ فرَّقتهم الحدود ولعب النفط والنساء في عقولهم ودينهم وأخلاقهم وقيمهم.ما أغرب تلك المفارقة التي يصنعها البعض! فالذي يفتح صدره وبلاده ليستقبل اللاجئين نسميه مستغلا وغادرا وكذابا، والذي يغلق أبوابه في وجه إخوة التاريخ واللغة والدين ويحاصرهم تحت البراميل المتفجرة والنظام المجرم، ويخطب لهم عن الروابط المشتركة والأخوة في الإسلام ويرسل إلى الأطفال الشكولا ليأكلوها قبل صعودهم إلى الجنة، كل من يفعل ذلك يسمى زعيما عربيا يدعم الشعب السوري، ما أغرب مفارقات هذا الزمن! وما أقسى غربتك أيها الشعب السوري العظيم!