المحامية : سماح واقفا بلباسه الريفي المتواضع وواضعًا على رأسه تلك “الجمدانة” الريفية، بتلك الملامح الحزينة والتجاعيد التي ملأت وجهه حائرا في أية قبلة يتجه ملتمساً وجهًا يمكن أن يسأله، فنظر إليَّ وسأل مشيراً إلى الورقة التي بيده أين أذهب وماذا أفعل؟فقلت له ما القصة يا عم؟أجاب قائلا: لي بنت متزوجة من رجل كان يضربها كل يوم ولم ترضَ يومًا أن تترك بيتها، إلى أن وصل بها الحال أن فقدت عقلها بسبب أحد الضربات وتركها زوجها، ونريد أن نطلقها حتَّى أعيدها إلى خانتي بعد أن أصبحت قاصراً لأعتني بها فأين اذهب؟هذه إحدى القصص التي صُدمت بها وأثرت بي بشدة، لمَ على المرأة أن تصبر على ظلم الزوج لها، ولمَ يقصِّر الأهل في الدفاع عن ابنتهم باعتقادهم أن هذا وضع طبيعي، وعلى الزوجة أن تصبر؟! عزيزي الأب هذه الفتاة لاتزال ابنتك، وليس من واجب الزوج أن يؤدِّب زوجته بهذا الضرب المبرح، فهل هذا اسمه انتقام أو تأديب أو تعذيب؟ وما الهدف من الضرب، هل هو الهدف الإهانة أو التوجيه بعد أن صعب عليه تأديبها بالكلام؟ وإن كان آخر حل هو الضرب فليس بهذه القسوة لأنَّ الضرب هكذا فيه انتقاص لرجولة الرجل، لأنَّه عندما يضرب امرأة بهذا الشكل لعدم قدرته الكلامية فهذا يعني أنَّ كلامه لا يردع زوجته عن الخطأ هذا إن كانت قد ارتكبت ذلك الخطأ الذي يستوجب ذاك الضرب، ولا يوجد أي خطأ يستدعي الضرب المبرح، وإن ارتكبت الزنا بحدِّ ذاته، لأنَّ تنفيذ حدِّ الزنا له شروطه أيضًا، فيستوجبُ شهوداً أربعًا والتنفيذ ليس بيد الزوج أ، والرجم له شروط أخرى لن ندخل بها الآن،لذلك لا يوجد حق للزوج بضرب زوجته بهذا النوع من الضرب، الزوج ليس محقا وعلى الأهل أن يكونوا الملجأ الآمن لابنتهم، فهي لا تملك سواهم إن رميت بيد من لا يرحمها.وهاكم قصة أخرى “زوجها يقوم بإطفاء أعقاب السجائر على جسدها وتكتمت على ذلك حتى على أهلها وعندما سُئلت لماذا لم تخبري أحداً قالت: لقد تربينا أن ما يحصل في بيت الزوج لا يجوز أن يخرج إلى الخارج، ولو لم يكتشف الأهل ذلك بنفسهم وأنقذوا فتاتهم لأصابها ما هو أسوأ”هل فتاة كريمة كهذه طيبة الأخلاق تعامل بهذا الشكل؟ أين الرجولة في ذلك عزيزي الزوج؟! كن رجلاً لزوجتك وليس عليها، عظها بالحكمة والموعظة الحسنة، فهي التي ارتضتك سكناً وملجأ لها وليس عذابًا مستغلا ضعفها وكرم أخلاقها.لذلك عزيزتي الزوجة لا تصبري على هكذا أذى، دافعي عن نفسك، اطلبي المساعدة، فهذا ليس من حق الزوج، عليكِ أن تردعيه عن إيذائك في البداية، فالمشاكل إذا كانت في أولها تحل بشكل أسهل، وكلما تكتَّمتي عليه أكثر زادتْ وحشيته لأنَّه يعلم أنَّه لا يوجد هناك ما يردعه.أرجوكِ لا تصمتي وامنعي الظلم بداية عن نفسك حتى لا يمتدَّ ذلك إلى أطفالك، وبنفس الوقت أطلبُ منك أن تتحلي بالذكاء فتتعلمي متى تقولي لا للزوج، ولا تثيري فيه الغضب، وأن تبحثي عن المفاتيح التي يعدل من خلالها سلوكه، ولا تسمحي له بإيذائك، وإن عجزتي عن ذلك وسدَّت بك الطرق لا تتقاعسي من طلب المساعدة، لكن أبدا لا تستلمي للظلم.