أحمد الأحمد |
تطورات متسارعة تشهدها الساحة السورية خلال الفترة الماضية على الصعيدين السياسي والميداني، من تقدم للنظام وداعميه في إدلب إلى قرب إطلاق اللجنة الدستورية من قبل المبعوث الأممي إلى سورية، وختاماً بالتحركات بين الدول الضامنة لوقف إطلاق النار ” روسيا، وتركيا، وإيران” وقرب عقد اجتماع بشأن سورية في 16 من أيلول الجاري في تركيا.
وللخوض أكثر في هذه الأمور نستضيف الأستاذ (عقاب يحيى) العضو السابق في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية.
بداية أستاذ عقاب برأيك هل حققت أعمال الائتلاف الوطني متطلعات الشعب السوري على الأرض؟
“لا شكّ أن الائتلاف قصَّر كثيراً في التواصل مع الأرض، وكانت هناك أسباب كثيرة، لكنه منذ مدّة يضع هذا الأمر في أولوياته، خاصة بعد افتتاح مقر له في الداخل، وبالنسبة إلى المرحلة الحالية فإن التواصل مع الداخل وفعاليات الشعب السوري هي على رأس برنامج عملنا، ونقوم بجهد كبير في هذا المجال.”
ما سبب تشكيل حكومة مؤقتة جديدة وسط أحداث كثيرة منها أنباء عن انطلاق اللجنة الدستورية، وفتح النظام لمعارك جديدة، وقرب افتتاح الطرق الدولية، وتقلص المناطق المحررة، واقتراب إعلان أمريكا عن خطة سلام في الشرق الأوسط؟
” الحكومة السورية المؤقتة موجودة منذ سنوات، وهي ثالث حكومة يُشكلها الائتلاف، ومعروف أنها الذراع التنفيذي له، وأمامها ميادين عمل واسعة في مجال الخدمات والتعليم والصحة والمجالس المحلية، واستكمال بناء الجيش الوطني الحر، وتشكيل قوى الشرطة والأمن الداخلي، والإشراف على المعابر، وتنمية الاقتصاد وبناء البنى التحتية في المناطق المحررة، ولا تناقض أو تعارض بين وجود الحكومة المؤقتة وتشكيل اللجنة الدستورية، أو تطورات مسار الحل السياسي الذي لم يتحرك إلى الآن.”
إلى أين تسير الأمور في سورية اليوم؟ وهل لمستم أي تحرك دولي حقيقي لإنهاء الصراع؟ وهل برأيك سيكتب النجاح لعمل اللجنة الدستورية؟
“بصراحة لا يوجد أي تطور في مسار العملية السياسية، والأمور جامدة، وحتى اللجنة الدستورية تشهد حالات مدّ وجزر؛ بسبب رفض النظام السوري ومن يدعمه على القبول بالحل السياسي، ومحاولة تكريس الحل العسكري الأمني كنهج مستمر ووحيد للنظام، بينما الأطراف الدولية، خاصة الجانب الأمريكي، لا يزال بعيداً عن وضع ثقله واتخاذ قرارات حاسمة، والموقف الأوربي بدا هامشياً وعاجزاً عن تقديم شيء ملموس. لذلك يتأجل مسار الحل السياسي، وربما تبدأ بعض الخطوات بعد بلورة وضع إدلب والمنطقة الشرقية، لذلك مآل اللجنة الدستورية لا ينفصل عن مسار الحل السياسي.”
هل برأيك سيكون هناك تحركات حقيقية للائتلاف في الساحة الدولية لتحريك الرأي العام لوقف أي عملية عسكرية جديدة في إدلب آخر معاقل المعارضة؟
“نحن تحركنا ونتحرك من أشهر، وعلى أصعدة مختلفة لوقف المحرقة في إدلب، والتقينا وزير الخارجية التركي وجميع ممثلي الدول الأجنبية الصديقة، وقمنا بتواصلات مباشرة مع الأطراف الدولية الفاعلة، وأرسلنا العديد من المذكرات التي تطالب بوقف الحرب على إدلب، والتمسّك باتفاقات خفض التصعيد، ولدينا لجنة خاصة بإدلب تتابع التطورات يومياً.”
ماهي التطلعات المرجوة من الحكومة الجديدة؟
“قدّم رئيس الحكومة برنامجاً متكاملاً للحكومة في عموم المجالات، كما قام الوزراء بتقديم برنامج عملهم في الميادين التي سيعملون بها.
أول الأولويات تأمين الخدمات والأمن، واستكمال بناء الجيش الوطني الحر الموحد بقيادة واحدة تتبع وزارة الدفاع والانتهاء من الفصائلية، وتعزيز بناء قوة الشرطة وإيقاف أعمال الإرهاب التي تقوم بها بعض الجهات المعادية، وتنمية الاقتصاد والاهتمام بالزراعة والصناعة والبنى التحتية، وتقوية المجالس المحلية المنتخبة لتمارس دورها الأول، بينما العملية التربوية والتعليمية من المرحلة الابتدائية إلى الثانوية، وكذلك الجامعات كلها لها اهتمام خاص لتطويرها وتلبية الاحتياجات الضرورية ومستلزمات التعليم الضروري، وكذلك القطاع الصحي بكل فروعه وجوانبه، وتكريس استقلال القضاء والقيام بدوره في تجسيد العدالة بين المواطنين، ومواجهة الخروقات والتجاوزات عبر القانون، وتنشيط عمل المعابر وتطويرها، وكافة مجالات فروع الإنتاج، وعمليات التصدير والاستيراد.”
هل سيكون هناك أي توافق بين الحكومة الجديدة وحكومة الإنقاذ في إدلب لتوحيد الجهود والعمل على حل مأساة المدنيين في الداخل؟
“نحن نصنف هيئة تحرير الشام على أنها منظمة إرهابية تابعة للقاعدة، وليس بيننا أي علاقات، وعلى العكس فإن وجودها قدّم أكبر الضرر لقوى الثورة، ومنح أعداءنا الذريعة والحجة لقصف المدنيين وتدمير البنى التحتية.”
ما دلالة تسيير أول دورية مشتركة بين أمريكا وتركيا على الحدود السورية التركية منذ أيام، في حين تقدم النظام وروسيا في مناطق شمال حماة وإدلب الجنوبي سابقًا؟ هل الأمر تطبيق لمحاصصة بين الأطراف؟
“هناك اتفاق أولي بين تركيا وأمريكا على إقامة المنطقة الآمنة على مراحل، وتبدأ من تل أبيض لرأس العين، لذلك يتضمن الاتفاق القيام بدوريات مشتركة بين الطرفين، والعمل على إبعاد قوات البي واي دي الإرهابية، وقسد إلى خارجها.
لا أعتقد أن الأمور تقع في إطار المحاصصة، فمطالب تركيا بمنطقة آمنة قديمة، وهي تتوافق مع مطالبنا من سنوات، وقدّمت تركياً دعماً مهماً للفصائل المقاتلة في إدلب مما ساعدها على الصمود لأشهر، لكن ميزان القوى مختل لصالح العدو، خاصة بعد تغيير وسائل العدوان، وتمكين النظام من استخدام أسلحة ووسائط جديدة (كالمناظير الليلية) التي مكنته بعون القصف الروسي العنيف من إحداث تقدمات في عدد من المناطق، هنا يجب العودة لاتفاق سوتشي بين تركيا وروسيا حول المنطقة والعمل على تطبيقه، رغم أن الروس لم يحترموا نصوصه، ويحاولون خرقه بكل الوسائل المتاحة.”
في ختام لقائنا نتوجه بالشكر للأستاذ عقاب يحيى على هذه التوضيحات وإبداء رأيه فيما يجري من خطوات على مختلف الأصعدة في سورية.