عادل الجبير وزير الخارجية السعودي، يخرج بخطاباته اليومية المتكررة كنشرات الأخبار التي توهم المتابع بأنَّها قابلة للحياة والاستمرار، وسياسة النقد المصوَّبة تجاه إيران وسوريا واليمن وأمريكا أحيانا وروسيا والعراق والدول التي تقع خارج حدود بلده حتى جزر القمر، ليتابع عمله، وكلُّ ذلك من عمق اختصاصاته كوزير للخارجية، ولكن شعار النقد العام المُتبع من قبل وزارة الخارجية السعودية مع تلك الدول لو مُورِس من قبل دولة فقيرة لا تتمتع بالغنى ولا تملك مخزونا إقليميا من النفط مع وجود مئات المليارات في الخزانة الأمريكية، لكان الرد صاعقا وعسكريا في بعض الحالات، ولكان صوت الجبير لم يفارق حنجرته، ولتحول الضوء الأخضر الذي من خلاله يمارس الجبير صراخه ومدَّ أذرعه خارج حدود دولته إلى الضوء الأحمر، ولتم تفعيل سياسة قطع الأصابع.
إنَّ تلك الضمانات الدولية الممنوحة للسعودية والغطاء العربي من معظم الدول العربية من خلال الموافقة على جميع أفعال السعودية، ما كان ليمنح لولا برميل النفط والمساعدات التي تقدمها السعودية لبعض الدول الفقيرة وعلاقتها الممزوجة بالحب تارة وبالخصام تارة أخرى مع شرطيِّ العالم أمريكا.
وإنَّ صراع الديوك مازال مستمرا بين الدول العظمى للسيطرة على المنطقة بثرواتها وحكوماتها وقراراتها، وكل شيء يتعلق بتلك الدول، والسعودية وإيران ضمن اللاعبين الأساسيين في ذاك الصراع كلٌ حسب تطلعاته.
لست هنا لأصنف تصرفات السعودية أو لأدمجها ضمن سلة التصرفات المفيدة للعرب وللمسلمين، ولكن تلك اللهجة العدائية لها متطلباتها، والظهور الإعلامي الدولي للجبير وربط وجوده بفك شيفرة العقد المستعصية في المنطقة، هو بفضل برميل النفط الذي رفع أقواما وذل أخرى، فمملكة النرويج مثلا والخصائص التي يحملها المواطن النرويجي في حله وترحاله إنَّما يعود فضلها إلى برميل النفط، وهناك فروقات شاسعة المدى وبعيدة المنظور بين المواطنين في تلك المناطق التي يتم توزيع مقدرات النفط فيها للشعب أو سرقة موارد النفط لأشخاص معينين.
فشكرا برميل النفط يامن أدخلت الغرباء أراضينا، ومنحت الجبير صوتا رنانا يسافر في أغلب قاعات الاجتماعات الدولية، ولو أنَّ لأحد على الجبير فضلا في نظرته الثاقبة وهو يتوعد ويهدد، فليس لأحد سوى برميل النفط الذي جعله يجالس قادة العالم ويبدي رأيه بكل صراحة تحت عباءة خادم الحرمين الشريفين !!!